بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الزُّمَرِقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ.
ظَاهِرٌ فِي الْإِفْرَادِ.
وَقَوْلُهُ: أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [٣٩ ٣٣]، يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ الْجَمْعِ مُحَرَّرًا بِشَوَاهِدِهِ فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا الْآيَةَ [٢ ١٧].
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُسْرِفِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، مَعَ أَنَّهُ جَاءَتْ آيَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ [٤٠ ٤٣].
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِسْرَافَ يَكُونُ بِالْكُفْرِ وَيَكُونُ بِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي دُونَ الْكُفْرِ، فَآيَةُ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ فِي الْإِسْرَافِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ.
وَآيَةُ: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْإِسْرَافِ بِالْمَعَاصِي دُونَ الْكُفْرِ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ آيَةُ: وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَتُوبُوا، وَأَنَّ قَوْلَهُ: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا فِيمَا إِذَا تَابُوا.
وَالْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى غُفْرَانِ جَمِيعِ الذُّنُوبِ مَعَ أَنَّهُ دَلَّتْ آيَاتٌ أُخَرُ عَلَى أَنَّ مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَا يُغْفَرُ، وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى.