سَعِيرًا [١٧ ٩٧].
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ [١١ ١٠٧]، فِي خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَخُلُودِ أَهْلِ النَّارِ وَبَيَّنَ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ فِي خُلُودِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ: عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [١١ ١٠٨]، وَبِقَوْلِهِ: إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ [٣٨ ٥٤]، وَقَوْلِهِ: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [١٦ ٩٦].
وَبَيَّنَ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ فِي خُلُودِ أَهْلِ النَّارِ بِقَوْلِهِ: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا.
فَمَنْ يَقُولُ إِنَّ لِلنَّارِ خَبْوَةً لَيْسَ بَعْدَهَا زِيَادَةُ سَعِيرٍ، رُدَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِتَكْرَارِ الْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهَا، وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا الْآيَةَ [٤ ٥٦].
وَأَمَّا مَوْتُهُمْ فَقَدْ نَصَّ تَعَالَى عَلَى عَدَمِهِ بِقَوْلِهِ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا [٣٥ ٣٦]، وَقَوْلِهِ: لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا [٢٠]، وَقَوْلِهِ: وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ [١٤ ١٧]، وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْمَوْتَ يُجَاءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَجٍ فَيُذْبَحُ، وَإِذَا ذُبِحَ الْمَوْتُ حَصَلَ الْيَقِينُ بِأَنَّهُ لَا مَوْتَ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ بِلَا مَوْتٍ.
وَأَمَّا إِخْرَاجُهُمْ مِنْهَا فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى عَدَمِهِ بِقَوْلِهِ: وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [٢ ١٦٧]، وَبِقَوْلِهِ: كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا [٣٢ ٢٠]، وَبِقَوْلِهِ: وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [٥ ٣٧].
وَأَمَّا تَخْفِيفُ الْعَذَابِ عَنْهُمْ فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى عَدَمِهِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ [٣٥ ١٣]، وَقَوْلِهِ: فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا [٧٨]، وَقَوْلِهِ: لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [٤٣]، وَقَوْلِهِ: إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا [٢٥ ٦٥]، وَقَوْلِهِ: فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا [٢٥ ٧٧]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ [١٦ ٨٥].
وَقَوْلِهِ: وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [٥ ٣٧]، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا وَقَوْلَهُ: لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ كِلَاهُمَا فِعْلٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَحَرْفُ النَّفْيِ بِنَفْيِ الْمَصْدَرِ الْكَامِنِ فِي الْفِعْلِ فَهُوَ فِي


الصفحة التالية
Icon