﴿ قُلْ ﴾ لكفار مكة ﴿ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ ﴾ بكلمة واحدة كلمة الإخلاص ﴿ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ ﴾ الحق ﴿ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ ﴾ ألا يتفكر الرجل وحده ومع صاحبه فيعلم ويتفكر في خلق السماوات والأرض وما بينهما أن الله جل وعز خلق هذه الأشياء وحده وأن محمداً لصادق وما به جنون ﴿ إِنْ هُوَ ﴾ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ ﴾ مبين، يعني بينا ﴿ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [آية: ٤٦] في الآخرة.﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ﴾ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل كفار مكة ألا يؤذوه حتى يبلغ عن الله عز وجل الرسالة، فقال بعضهم لبعض: ما سألكم شططاً كفوا عنه، فسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً يذكر اللات والعزى في القرآن، فقالوا: ما ينتهي هذا الرجل عن عيب آلهتنا سألنا ألا نؤذيه فقد فعلنا وسألناه ألا يؤذينا في آلهتنا فلم يفعل، فأكثروا في ذلك، فأنزل الله عز وجل: ﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ ﴾ جعل ﴿ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ ما جزائي ﴿ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٍ ﴾ [آية: ٤٧] بأني نذير وما بي من جنون.﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ ﴾ يتكلم بالوحي ﴿ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ ﴾ [آية: ٤٨] عالم كل غيب، وإذا قال جل وعز عالم الغيب فهو غيب واحد ﴿ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ ﴾ الإسلام ﴿ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ [آية: ٤٩] يقول: ما يبدىء الشيطان الخلق فيخلقهم وما يعيد خلقهم في الآخرة فيبعثهم بعد الموت والله جل وعز يفعل ذلك.﴿ قُلْ إِن ضَلَلْتُ ﴾ وذلك أن كفار مكة، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لقد ضللت حين تركت دين آبائك ﴿ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ﴾ إنما ضلالتي على نفسي ﴿ وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ﴾ من القرآن ﴿ إِنَّهُ سَمِيعٌ ﴾ الدعاء ﴿ قَرِيبٌ ﴾ [آية: ٥٠] الإجابة.﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ ﴾ يقول: إذا فزعوا عند معاينة العذاب، نزلت في السفياني، وذلك أن السفياني يبعث ثلاثين ألف رجل من الشام مقاتلة إلى الحجاز عليهم رجل اسمه بحير بن بجيلة، فإذا انتهوا إلى البيداء خسف بهم، فلا ينجو منهم أحد غير رجل من جهينة اسمه ناجية يفلت وحده، مقلوب وجهه وراء ظهره، يرجع القهقرى، فيخبر الناس بما لقى أصحابه. قال: ﴿ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ [آية: ٥١] من تحت أرجلهم.﴿ وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ ﴾ حين رأوا العذاب يقول الله تعالى: ﴿ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ ﴾ التوبة عند معاينة العذاب ﴿ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ ﴾ [آية: ٥٢] الرجعة إلى التوبة بعيد منهم لأنه لا يقبل منهم.﴿ وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ ﴾ بالقرآن ﴿ مِن قَـبْلُ ﴾ نزول العذاب حين بعث الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم ﴿ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ ﴾ يقول: ويتكلمون بالإيمان ﴿ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [آية: ٥٣] يقول: التوبة تباعد منهم، فلا يقبل منهم وقد غيب عنهم الإيمان عند نزول العذاب، فلم يقدروا عليه عند نزول العذاب بهم في الدنيا ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ من أن تقبل التوبة منهم عند العذاب ﴿ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ﴾ يقول: كما عذب أوائلهم من الأمم ا لخالية من قبل هؤلاء ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ ﴾ من العذاب بأنه غير نازل بهم في الدنيا ﴿ مُّرِيبِ ﴾ [آية: ٥٤ِ] يعني بمريب أنهم لا يعرفون شكهم، ويقال: كان هذا العذاب بالسيف يوم بدر، وقالوا: آمنا به، يعني بالقرآن.


الصفحة التالية
Icon