ثم نزل فى أبى جهل:﴿ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ ﴾[العلق: ٩ - ١٠]، ثم قال جل وعز: ﴿ إنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ ﴾ القرآن ﴿ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ ﴾ وخشى عذاب الرحمن ﴿ بِٱلْغَيْبِ ﴾ ولم يره ﴿ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ ﴾ لذنوبهم ﴿ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [آية: ١١] وجزاء حسنا فى الجنة.﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ ﴾ فى الآخرة ﴿ وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ ﴾ فى الدنيا فى حياتهم من خير أو شر عملوه ﴿ وَآثَارَهُمْ ﴾ ما استنوه من سنة خير أو شر فاقتدى به من بعد موتهم، وإن كان خيراً فله مثل أجر من عمل به، ولا ينقص من أجورهم شىء، وإن كان شراً فعليه مثل وزر من عمل به ولا ينقص من أوزارهم شىء، فذلك قوله عز وجل:﴿ يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴾[القيامة: ١٣] ثم قال جل وعز: ﴿ وَكُلَّ شيْءٍ ﴾ من الأعمل ﴿ أَحْصَيْنَاهُ ﴾ بيانه ﴿ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ١٢] كل شىء عملوه فى اللوح المحفوظ.﴿ وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً ﴾ وصف لهم يا محمد، شبها لأهل مكة فى الهلاك ﴿ أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ ﴾ أنطاكية ﴿ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [آية: ١٣].
﴿ إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ ﴾ تومان ونونس ﴿ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ﴾ فقوينا يعنى فشددنا الرسولين بثالث حين صدقهما بتوحيد الله وحين أحيا الجارية وكان اسمه شمعون وكان الحواريين وكما وصى عيسى بن مريم ﴿ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ ﴾ [آية: ١٤] فكذبوهما ولو فعلت ذلك بكم يا أهل مكة لكذبتم، فقال شمعون للذلك: أشهد أنهما رسولان أرسلهما ربك الذى فى السماء، فقال الملك لشمعون: أخبرنى بعلامة ذلك؟ فقال شمعون: إن ربى أمرنى أن أبعث لك ابنتك، فذهبوا إلى قبرها، فضرب القبر برجله، فقال: قومى بإذن إلهنا الذى فى السماء، الذى أرسلنا إلى هذه القرية واشهدى لنا على ولدك فخرجت الجارية من قبرها، فعرفوها فقالت يا أهل القرية آمنوا بهؤلاء الرسل، وإنى لأشهد أنهم أرسلوا إليكم، فإن سلمتم يغفر لكم ربكم، وإن أبيتمم ينتقم الله منكم، ثم قالت لشمعون: ردنى إلى مكانى فإن القوم لن يؤمنوا لكم، فأخذ شمعون قبضة من تراب قبرها فوضعها على رأسها، ثم قال عودى مكانك، فعادت، فلم يؤمن منهم غير حبيب النجار، كان من بنى إسرائيل، وذلك أنه حين سمع بالرسل جاء مسرعاً فآمن وترك عمله وكان قبله إيمانه مشركاً ﴿ قَالُواْ ﴾ فقال القوم للرسل: ﴿ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ﴾ [آية: ١٥] وكان فعل شمعون من الحواريين فقال شمعون: إنا إليكم مرسلون أرسلنا إليكم ربكم الذى فى السماء ما أنتم إلا بشر مثلنا ما نرى لكم علينا من فضل فى شىء وما أنزل الرحمن من شىء وما أرسل الرحمن من أحد يعنى لم يرسل رسولا الآية.