ثم أخبر بما يلقون فى الثانية إذا بعثوا، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ ﴾ من القبور ﴿ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ﴾ [آية: ٥١]ٍ يخرجون إلى الله عز وجل من قبورههم أحياء، فلما رأوا العذاب ذكروا قول الرسل فى الدنيا:: أن البعث حق.﴿ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ﴾ وذلك أن أرواح الكفار كانوا يعرضون على منازلهم من النار طرفى النهار كل يوم، فلما كان بين النفختين رفع عنهم العذاب فرقدت تلك الأرواح بين النفختين، فلما بعثوا فى النفخة الأخرى وعاينوا فى القيامة ما كذبوا به فى الدنيا من البعث والحساب، فدعوا بالويل.
﴿ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ﴾ فى قراءة ابن مسعود: " من ميتتنا "، قال حفظتهم من الملائكة: ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ ﴾ على ألسنة، الرسل، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [آية: ٥٢].
وذكر النفخة الثانية، فقال سبحانه: ﴿ إِن ﴾ يعنى ما ﴿ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾ من إسرافيل ﴿ فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ ﴾ الخلق كلهم ﴿ لَّدَيْنَا ﴾ عندنا ﴿ مُحْضَرُونَ ﴾ [آية: ٥٣] بالأرض المقدسة فلسطين لنحاسبهم.﴿ فَٱلْيَوْمَ ﴾ فى الآخرة ﴿ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٥٤] من الكفر جزاء الكافر النار. ثم قال جل وعز: ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ ﴾ فى الآخرة ﴿ فِي شُغُلٍ ﴾ يعنى شغلوا بالنعيم، بافتضاض العذارى عن ذكر أهل النار فلا يذكرونهم ولا يهتمون بهم، ثم قال جل وعز: ﴿ فَاكِهُونَ ﴾ [آية: ٥٥] فكهون يعنى معجبين بما هم فيه شغل النعيم والكرامة.


الصفحة التالية
Icon