﴿ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ ﴾ يعنى إذ قال لربه: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ ﴾ يقول: أصابنى الشيطان ﴿ بِنُصْبٍ ﴾ يعنى مشقة فى جسده ﴿ وَعَذَابٍ ﴾ [آية: ٤١] فى ماله.﴿ ٱرْكُضْ ﴾ يعنى ادفع الأرض ﴿ بِرِجْلِكَ ﴾ بأرض الشام، فنبعت عين من تحت قدمه فاغتسل، فيها فخرج منها صحيحاً، ثم مشى أربعين خطوة فدفع برجله الأخرى، فنبعت عن ماء آخرى، ماء عذب بارد شرب منها، فذلك قوله: ﴿ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ ﴾ الذى اغتسل فيها، ثم قال: ﴿ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ [آية: ٤٢] الذى أشرب منه، وكان داود يأكل سبع سنين وسبعة أشهر، وسبعة أيام وسبعة ساعات متتابعات.﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ ﴾ فأضعف الله عز وجل له، كان له سبع بنين وثلاث بنات قبل البلاء، وولدت له امرأته بعد البلاء سبع بنين وثلاث بنات، فأضعف الله له ﴿ رَحْمَةً ﴾ يعنى نعمة ﴿ مِّنَّا ﴾، ثم قال: ﴿ وَذِكْرَىٰ ﴾ يعنى تفكر ﴿ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ﴾ [آية: ٤٣] يعنى أهل اللب العقل.﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ﴾ يعنى بالضغث القبضة الواحدة، فأخذ عيدانا رطبة، وهى الأسل مائة عود عدد ما حلف عليه، وكان حلف ليجلدن امرأته مائة جلدة ﴿ فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ ﴾ يعنى ولا تأثم فى يمينك التى حلفت عليها، فعمد إليها فضربها بمائة عود ضربة واحدة فأوجعها فبرئت يمينه، وكان اسمها دنيا، ثم أثنى الله عز وجل على أيوب، فقال: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً ﴾ على البلاء إضمار ﴿ نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [آية: ٤٤] يعنى مطيعاً لله تعالى، لما برأ أيوب فاغتسل كساه جبريل، عليه السلام، حلة.﴿ وَٱذْكُرْ ﴾ يا محمد صبر ﴿ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ ﴾ حين ألقى فى النار ﴿ وَ ﴾ صبر ﴿ وَإِسْحَاقَ ﴾ للذبح ﴿ وَ ﴾ صبر ﴿ وَيَعْقُوبَ ﴾ فى ذهاب بصره، ولم يذكر إسماعيل بن إبراهيم لأنه لم يبتل، واسم أم يعقوب رفقا، ثم قال: ﴿ أُوْلِي ٱلأَيْدِي ﴾ يعنى أولى القوة فى العبادة، ثم قال: ﴿ وَٱلأَبْصَارِ ﴾ [آية: ٤٥] يعنى البصيرة فى أمر الله ودينه. ثم ذكر الله تعالى هؤلاء الثلاثة إبراهيم وابنية إسحاق ويعقوب بن إسحاق، فقال: ﴿ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ ﴾ للنبوة والرسالة ﴿ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ ﴾ [آية: ٤٦].
حدثنا أبو جعفر، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد، عن ابن جابر أنه سمع عطاء الخراسانى فى قوله: ﴿ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ ﴾ قال: القوة فى العبادة والبصر بالدين.
﴿ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ ﴾ يقول: وجعلناهم أذكر الناس لدار الآخرة يعنى الجنة.﴿ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ ﴾ [آية: ٤٧] اختارهم الله على علم للرسالة ﴿ وَٱذْكُرْ ﴾ صبر ﴿ إِسْمَاعِيلَ ﴾ هو أشوبل بن هلقانا ﴿ وَ ﴾ صبر ﴿ وَٱلْيَسَعَ وَ ﴾ صبر ﴿ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ ﴾ [آية: ٤٨] اختارهم الله عز وجل للنبوة، فاصبر يا محمد على الأذى كما صبر هؤلاء الستة على البلاء. ثم قال: ﴿ هَـٰذَا ذِكْرٌ ﴾ يعنى هذا بيان الذى ذكر الله من أمر الأنبياء فى هذه السورة ﴿ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ من هذه الأمة فى الآخرة ﴿ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [آية: ٤٩] يعنى مرجع ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ ﴾ [آية: ٥٠].
حدثنا أبوجعفر، قال: حدثنا بن رشيد، قال: حدثنا جليد، عن الحسن فى قوله: ﴿ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ ﴾ قال: أيوب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، يقال لها: انفتحى، انقفلى، تكلم فتفهم وتتكلم. حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سألت زهير بن محمد عن قوله تعالى:﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾[مريم: ٦٢]، قال: ليس فى الجنة ليل، وهم فى نور أبداً ولهم مقدار الليل بإرخاء الحجب ومقدار النهار.﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا ﴾ فى الجنة على السرر ﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴾ [آية: ٥١].