﴿ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ﴾ فى ملكه ﴿ ٱلْحَكِيمِ ﴾ [آية: ١] فى أمره ﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ ﴾ يعنى القرآن ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾ يقول: لم ننزله باطلاً لغير شىء ﴿ فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ ﴾ يقول: فوحد الله ﴿ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينِ ﴾ [آية: ٢] يعنى له التوحيد.﴿ أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ ﴾ يعنى التوحيد وغيره من الأديان ليس بخالص ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ﴾ يعنى كفار العرب ﴿ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾ فيها إضمار قالوا: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ ﴾ يعنى الآلهة، نظيرها فى " حم عسق ":﴿ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ﴾[الشورى: ٦]، وذلك أن كفار العرب عبدوا الملائكة، وقالوا: ما نعبدهم ﴿ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ ﴾ يعنى منزلة فيشفعوا لنا إلى الله ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ ﴾ من الدين ﴿ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ﴾ لدينه ﴿ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ ﴾ [آية: ٣].
﴿ لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ﴾ يعنى عيسى ابن مريم ﴿ لاَّصْطَفَىٰ ﴾ يعنى لاختار ﴿ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ من الملائكة، فإنها أطيب وأطهر من عيسى، كقوله فى الأنبياء﴿ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً ﴾[الأنبياء: ١٧] يعنى ولداً، يعنى عيسى﴿ لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ ﴾[الأنبياء: ١٧] يعنى من عندنا من الملائكة، ثم نزه نفسه عما قالوا من البهتان، فقال: ﴿ سُبْحَانَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ﴾ لا شريك له ﴿ ٱلْقَهَّارُ ﴾ [آية: ٤].
ثم عظم نفسه، فقال: ﴿ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ ﴾ لم يخلقهما باطلاً لغير شىء ﴿ يُكَوِّرُ ﴾ يعنى يسلط ﴿ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ ﴾ يعنى يسلط النهار ﴿ عَلَى ٱللَّيْلِ ﴾ يعنى انتقاص كل واحد منهما من الآخر ﴿ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ﴾ لبني آدم ﴿ كُـلٌّ يَجْرِي ﴾ يعنى الشمس والقمر ﴿ لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى ﴾ يعنى ليوم القيامة يدل على نفسه بصنعه ليعرف توحيده، ثم قال: ﴿ أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ فى ملكه ﴿ ٱلْغَفَّارُ ﴾ [آية: ٥] لمن تاب إليه.