﴿ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ ﴾ وذلك أن كفار قريش قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على الذى أتيتنا به، ألا تنظر إلى ملة أبيك عبد الله، وملة جدك عبدالمطلب، وإلى سادة قومك يعبدون اللات والعزى ومناة، فتأخذ به، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ ﴾ يعنى أن أوحد الله ﴿ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ ﴾ [آية: ١١] يعنى له التوحيد.﴿ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [آية: ١٢] يعنى المخلصين بتوحيد الله عز وجل ﴿ قُلْ ﴾ لهم ﴿ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي ﴾ فرجعت إلى ملة آبائى ﴿ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [آية: ١٣].
﴿ قُلِ ﴾ لهم يا محمد ﴿ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً ﴾ موحداً ﴿ لَّهُ دِينِي ﴾ [آية: ١٤] ﴿ فَٱعْبُدُواْ ﴾ أنتم ﴿ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ ﴾ من الآلهة ونزل فيهم أيضاً:﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ ﴾[الزمر: ٦٤] ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ ﴾ يعنى غبنوا ﴿ أَنفُسَهُمْ ﴾ فصاروا إلى النار ﴿ وَأَهْلِيهِمْ ﴾ يعنى وخسروا أهليهم من الأزواج والخدم ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ ﴾ يعنى هذا ﴿ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ ﴾ [آية: ١٥] يعنى البين حين لم يوحدوا ربهم يعنى وأهليهم فى الدنيا. ثم قال: ﴿ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ ﴾ يعنى أطباق من النار فتلهب عليهم ﴿ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴾ يعنى مهاداً من نار ﴿ ذَلِكَ ﴾ يقول: هذا الذى ذكر من ظل النار ﴿ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ ﴾ [آية: ١٦] يعنى فوحدون.﴿ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ ﴾ يعنى الأوثان، وهى مؤنثة ﴿ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ يعنى ورجعوا من عبادة الأوثان إلى عبادة الله عز وجل، فقال تعالى: ﴿ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ ﴾ يعنى الجنة ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴾ [آية: ١٧] فبشر عبادى بالجنة. ثم نعتهم، فقال: ﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ ﴾ يعنى القرآن ﴿ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ يعنى أحسن ما فى القرآن من طاعة الله عز وجل، ولا يتبعون المعاصى مثل قوله: ﴿ وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ ﴾ أى من طاعته ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ ﴾ لدينه ﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ ﴾ [آية: ١٨] يعنى أهل اللب والعقل حين يستمعون فيتبعون أحسنه من أمره ونهيه، يعنى أحسن ما فيه من أمره ونهيه، ولا يتبعون السوء الذى ذكره عن غيرهم.﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ ﴾ يعنى وجب عليه ﴿ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ ﴾ يعنى يوم قال لإبليس:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾[هود: ١١٩].
﴿ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ ﴾ [آية: ١٩] ﴿ لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ ﴾ وحدوا ﴿ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ ﴾ ثم نعت الغرف، فقال: ﴿ مَّبْنِيَّةٌ ﴾ فيها تقديم ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ﴾ تجرى العيون من تحت الغرف، يعنى أسفل منها ﴿ ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ ﴾ هذا الخير ﴿ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ ﴾ [آية: ٢٠] ما وعدهم.