﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ ﴾ يعنى فجعله عيوناً وركاياً ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ ﴾ بالماء ﴿ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ ﴾ يعنى يبيس ﴿ فَـتَرَاهُ ﴾ بعد الخضرة ﴿ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً ﴾ يعنى هالكاً، نظيرها:﴿ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ ﴾[النمل: ١٨] يعنى لا يهلكنكم سليمان هذا مثل ضربه الله فى الدنيا كمثل النبت، بينما هو أخضر إذ تغير فيبس، ثم هلك، فكذلك تهلك الدنيا بعد بهجتها وزينتها ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ ﴾ يعنى تفكر ﴿ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ﴾ [آية: ٢١].
﴿ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ يقول: أفمن وسع الله قلبه للتوحيد ﴿ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ ﴾ يعنى على هدى ﴿ مِّن رَّبِّهِ ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ ﴾ يعنى الجافية ﴿ قُلُوبُهُمْ ﴾ فلم تلن، يعنى أبا جهل ﴿ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى عن توحيد الله ﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ٢٢] يعنى أبا جهل يقول الله تعالى للنبى صلى الله عليه وسلم: ليس المشرح صدره بتوحيد الله كالقاسى قلبه ليسا بسواء.﴿ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ ﴾ يعنى القرآن ﴿ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً ﴾ يشبه بعضه بعضاً ﴿ مَّثَانِيَ ﴾ يعنى يثنى الأمر فى القرآن مرتين أو ثلاثاً، أو أكثر من نحو ذكر الأمم الخالية، ومن نحو ذكر الأنبياء، ومن نحو ذكر آدم، عليه السلام، وإبلس، ومن نحو ذكر الجنة والنار، والبعث والحساب، ومن نحو ذكر النبت والمطر، ومن نحو ذكر العذاب، ومن نحو ذكر موسى وفرعون، ثم قال: ﴿ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ ﴾ يعنى مما فى القرآن من الوعيد ﴿ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ ﴾ عذاب ﴿ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى إلى الجنة وما فيها من الثواب، ثم قال: ﴿ ذَلِكَ ﴾ الذى ذكر من القرآن ﴿ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ ﴾ يعنى بالقرآن ﴿ مَن يَشَآءُ ﴾ لدينه ﴿ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ ﴾ عن دينه ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [آية: ٢٣] ألى دينه يقول: من أضله الله عن الهدى، فلا أحد يهديه إليه. وقوله تعالى: ﴿ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ﴾ يعنى شدة ﴿ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ يقول: ليس الضال الذى يتقى النار بوجهه كالمهتدى الذى لا تصل النار إلى وجهه، ليس بسواء، يقول الكافر يتقى بوجهه شدة العذاب، وهو فى النار مغلولة يده إلى عنقه، وفى عنقه حجر ضخم مثل الجبل العظيم من كبريت تشتعل النار فى الحجر، وهو معلق فى عنقه، وتشتعل على وجهه فحرها ووهجها على وجهه لا يطيق دفعها عن وجهه من أجل الأغلال التى فى يده وعنقه ﴿ وَقِيلَ ﴾ وقالت الخزنة: ﴿ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ ﴾ العذاب بـ ﴿ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [آية: ٢٤] من الكفر والتكذيب.﴿ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ يعنى قبل كفار مكة كذبوا رسلهم بالعذاب فى الآخرة بأنه غير نازل بهم ﴿ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [آية: ٢٥] وهم غافلون عنه.