﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ ﴾ يعنى عقوبة ما كسبوا من الشرك ﴿ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ [آية: ٥١] يعنى وما هم بسابقى الله عز وجل باعمالهم الخبيثة حتى يجزيهم بها، ثم وعظوا ليعتبروا فى توحيده، وذلك حين مطروا بعد سبع سنين فقال: ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ﴾ يعنى يوسع ﴿ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ﴾ يعنى ويقتر على من يشاء ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ﴾ يعنى لعلامات ﴿ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ٥٢] يعنى يصدقون بتوحيد الله عز وجل.﴿ قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ﴾ نزلت فى مشركى مكة وذلك أن الله عز وجل أنزل فى الفرقان:﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا آخَرَ ﴾[الآية: ٦٨] فقال وحشى، مولى المطعم بن عدى بن نوفل: إنى قد فعلت هذه الخصال فكيف لى بالتوبة فنزل فيه:﴿ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾[الفرقان: ٧٠] فأسلم وحشى، فقال مشركو مكة قد قبل من وحشى توبته، وقد نزل فيه ولم ينزل فينا فنزلت فى مشركى مكة: ﴿ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ﴾ يعنى بالإسراف: الشرك والقتل والزنا فلا ذنب أعظم إسرافاً من الشرك ﴿ لاَ تَقْنَطُواْ ﴾ يقول: لا تيأسوا ﴿ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ ﴾ لأنهم ظنوا ألا توبة لهم ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾ يعنى الشرك والقتل والزنا الذى ذكر فى سورة الفرقان ﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [آية: ٥٣] لمن تاب منها ثم دعاهم إلى التوبة. فقال سبحانه: ﴿ وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ ﴾ يقول: وارجعوا من الذنوب إلى الله ﴿ وَأَسْلِمُواْ لَهُ ﴾ يعنى وأخلصوا له بالتوحيد، ثم خوفهم فقال: ﴿ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ [آية: ٥٤] يعنى لا تمنعون من العذاب.﴿ وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم ﴾ من القرآن ﴿ مِّن رَّبِّكُـمْ ﴾ يعنى ماذكر من الطاعة من الحلال والحرام ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً ﴾ يعنى فجأة ﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾ [آية: ٥٥] حين يفجؤكم من قبل ﴿ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا ﴾ يعنى يا ندامتا ﴿ عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ ﴾ يعنى ما ضيعت ﴿ فِي جَنبِ ٱللَّهِ ﴾ يعنى فى ذات الله يعنى من ذكر الله ﴿ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ ﴾ [آية: ٥٦] يعنى لمن المستهزئين بالقرآن فى الدنيا.﴿ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [آية: ٥٧] ﴿ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً ﴾ يعنى رجعة إلى الدنيا ﴿ فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [آية: ٥٨] يقول: فأكون من الموحدين لله عز وجل يقول الله تبارك وتعالى رد عليه ﴿ بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي ﴾ يعنى آيات القرآن ﴿ فَكَذَّبْتَ بِهَا ﴾ أنها ليست من الله ﴿ وَٱسْتَكْبَرْتَ ﴾ يعنى وتكبرت عن إيمان بها ﴿ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ ﴾ [آية: ٥٩] ثم أخبرم بما لهم فى الآخرة، فقال سبحانه: ﴿ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ بأن معه شريكاً ﴿ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ ﴾ لهذا المكذب بتوحيد الله ﴿ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى ﴾ يعنى مأوى ﴿ لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [آية: ٦٠] عن التوحيد.


الصفحة التالية
Icon