﴿ وَكَذَلِكَ ﴾ يعنى وهكذا عذبتهم، وكذلك ﴿ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ﴾ يقول: وجبت كلمة العذاب من ربك ﴿ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ ﴾ [آية: ٦] حين قال لإبليس:﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾[ص: ٨٥].
قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ ﴾ فيها إضمار، وهم أول من خلق الله تعالى من الملائكة وذلك أن الله تبارك وتعالى قال فى سورة " حم عسق "﴿ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ ﴾[الشورى: ٥] فاختص فى " حم " المؤمن، من الملائكة حملة العرش ﴿ وَمَنْ حَوْلَهُ ﴾ يقول: ومن حول العرش من الملائكة، واختص استغفار الملائكة بالمؤمنين من أهل الأرض، فقال: ﴿ ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ يقول: يذكرون الله بأمره ﴿ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ ويصدقون بالله عز وجل بأنه واحد لا شريك له ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ حين قالوا: ﴿ فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ ﴾ [غافر: ٧].
وقالت الملائكة: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ ﴾ يعنى ملأت كل شىء من الحيوان فى السماوات والأرض ﴿ رَّحْمَةً ﴾ يعنى نعمة يتقبلون فيها ﴿ وَعِلْماً ﴾ يقول: علم من فيهما من الخلق، وقالوا: ﴿ فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ ﴾ من الشرك ﴿ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ ﴾ يعنى دينك ﴿ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ ﴾ [آية: ٧].
﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ ﴾ على ألسنة الرسل ﴿ وَ ﴾ أدخل معهم الجنة ﴿ وَمَن صَـلَحَ ﴾ يعنى من وحد الله من الذين آمنوا ﴿ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ من الشرك ﴿ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [آية: ٨].
ثم قال: ﴿ وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ يعنى الشرك ﴿ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ فى الدنيا ﴿ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ﴾ يومئد فى الآخرة ﴿ وَذَلِكَ ﴾ الذى ذكر من الثواب ﴿ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴾ [آية: ٩].
قوله ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ﴾ [آية: ١٠] وذلك أن الكفار إذا عاينوا النار فى الآخرة ودخلوها مقتوا أنفسهم، فقالت لهم الملائكة، وهم خزنة جهنم يومئذ: لمقت الله إياكم فى الدنيا حين دعيتم إلى الإيمان، يعنى التوحيد فكفرتم أكبر من مقتكم أنفسكم.


الصفحة التالية
Icon