ثم ذكر ذلك اليوم، فقال: ﴿ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ﴾ من قبورهم على ظهر الأرض مثم الأديم الممدود ﴿ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ﴾ يقول: لا يستتر عن الله عز وجل منهم أحد، فيقول الرب تبارك وتعالى: ﴿ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ﴾ يعنى يوم القيامة حين قبض السموات والأرض فى يده اليمنى فلا يجيبه أحد، فيقول لنفسه: ﴿ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ﴾ لا شريك له ﴿ ٱلْقَهَّارِ ﴾ [آية١٦] لخلقه حين أحياهم.﴿ ٱلْيَوْمَ ﴾ فى الآخرة ﴿ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ بر وفاجر ﴿ بِمَا كَـسَبَتْ ﴾ من خير أو شر ﴿ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ [آية: ١٧] يفرغ الله تعالى من حسابهم فى مقدار نصف يوم من أيام الدنيا، قوله تعالى: ﴿ وَأَنذِرْهُمْ ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم أنذر أهل مكة ﴿ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ ﴾ يعنى اقتراب الساعة ﴿ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ ﴾ وذلك أن الكفار إذا عاينوا النار فى الآخرة شخصت أبصارهم إليها فلا يطرفون وأخذتهم رعدة شديدة من الخوف فشهقوا شهقة فزالت قلوبهم من أماكنها فنشبت فى حلوقهم فلا تخرج من أفواهم ولا ترج إلى أماكنها أبداً، فذلك قوله تعالى: ﴿ إِذِ ٱلْقُلُوبُ ﴾ يعنى عند ﴿ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ ﴾ ﴿ كَاظِمِينَ ﴾ يعنى مكروبين ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ ﴾ يعنى المشركين ﴿ مِنْ حَمِيمٍ ﴾ يعنى قريب ينفعهم ﴿ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [آية: ١٨] فيهم.﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ ﴾ يعنى الغمزة فيما لا يحل بعينه النظرة فى المعصية ﴿ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ ﴾ [آية: ١٩] يعنى وما تسر القلوب من الشر ﴿ وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ ﴾ يعنى يحكم بالعدل ﴿ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ ﴾ يعنى لا يحكمون ﴿ بِشَيْءٍ ﴾ يعنى والذين يعبدون من دونه لا يقضون بشىء، يعنى آلهة كفار مكة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ ﴾ [آية: ٢٠].