﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ ﴾ [آية: ٣٠]، يعنى الهوان، وذلك أن بنى إسرائيل آمنت بموسى هارون، فمن ثم قال فرعون:﴿ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ ﴾[غافر: ٢٥]، فلما هم بذلك، قطع الله بهم البحر مع ذرياتهم وذراريهم، وأغرق فرعون ومن معه من القبط.
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ ﴾، يعنى الهوان من فرعون من قتل الأبناء، واستحياء النساء، يعنى البنات، قبل أن يبعث الله عز وجل موسى رسولاً، مخافة أن يكون هلاكهم فى سببه من فرعون للذى أخبره به الكهنة أنه يكون، وأنه يغلبك على ملكك. ثم قال: ﴿ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً ﴾ عن التوحيد.
﴿ مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴾ [آية: ٣١] يعنى من المشركين. ثم رجع إلى بنى إسرائيل، فقال: ﴿ وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ ﴾ علمه الله عز وجل منهم.
﴿ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ٣٢]، يعنى عالم ذلك الزمان.﴿ وَآتَيْنَاهُم ﴾، يقول: وأعطيناهم.
﴿ مِّنَ ٱلآيَاتِ ﴾ حين فلق البحر وأهلك عدوهم فرعون، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، والحجر والعمود والتوراة، فيها بيان كل شىء، فكل هذا الخير ابتلاهم الله به، فلم يشكروا ربهم، فذلك قوله: ﴿ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ ﴾ ﴿ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ٣٣]، يعنى النعم البينة، كقوله:﴿ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ ﴾[الصافات: ١٠٦]، يعنى النعم البينة. قوله: ﴿ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ ﴾ [آية: ٣٤]، يعنى كفار مكة.﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ ﴾، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لهم:" إنكم تبعثون من بعد الموت "، فكذبوه، فقالوا: إن هى إلا حياتنا الدنيا.
﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ [آية: ٣٥]، يعنى بمعوثين من بعد الموت. ثم قال: ﴿ فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٣٦]، أنا نحيا من بعد الموت، وذلك أن أبا جهل بن هشام قال فى الرعد: يا محمد، إن كنت نبياً فابعث لنا رجلين أو ثلاثة ممن مات من آبائنا، منهم قصى بن كلاب، فإنه كان صادقاً، وكان إمامهم، فنسألهم فيخبرونا عن ما هو كائن بعد الموت، أحق ما تقول أم باطل؟ إن كنت صادقاً بأن العبث حق، نظيرها فى الجاثية قوله:﴿ وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ ﴾[الجاثية: ٢٤]، وما البعث بحق. فخوفهم الله تعالى بمثل عذاب الأمم الخالية، فقال: ﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ﴾؛ لأن قوم تبع أقرب فى الهلاك إلى كفار مكة.
﴿ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ من الأمم الخالية.
﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴾ بالعذاب.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ [آية: ٣٧]، يعنى مذنبين مقيمين على الشرك منهمكين عليه. قوله: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ ﴾ [آية: ٣٨]، يعنى عابثين لغير شىء، يقول: لم أخلقهما باطلاً، ولكن خلقتهما لأمر هو كائن.﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾، يعنى كفار مكة.
﴿ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣٩]، أنهما لم يخلقا باطلاً.