وكان استعجالهم حين قالوا: يا هود﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾[الأعراف: ٧٠]، وكانوا أهل عمود سيارة في الربيع فإذا هاج العمود رجعوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة آدم بن شيم بن سام بن نوح، وكانوا أصهاره، كان طول أحدهم اثنى عشر ذراعاً، وكان فيهم الملك، فلما كذبوا هوداً حبس الله عنهم المطر ثلاث سنين فلما دنا هلاكهم أوحى الله إلى الخزان، خزان الريح أن أرسلوا عليهم من الريح مثل منخر الثور. فقالت الخزان: يا رب، إذا تنسف الريح الأرض ومن عليها، قال: أرسلوا عليها مثل خرق الخاتم، يعني على قدر حلقة الخاتم، ففعلوا فجاءت ريح باردة شديدة تسمى الدبور من وراء كاوك الرمل وكان المطر يأتيهم من تلك الناحية فيما مضى فمن ثم: قالوا هذا عارض ممطرنا، فعمد هو فخط على نفسه، وعلى المؤمنين خطا إلى أصل شجرة ينبع من ساقها عين فلم يدخل عليهم من الريح إلا النسيم الطيب، وجعلت الريح شدتها تجىء بالطعن بين السماء والأرض، فلما رأوا أنها ريح قالوا: يا هود، إن ريحك هذا لا تزيل أقدامنا، وقالوا: من أشد منا قوة، يعني بطشاً فقاموا صفوفاً فاستقبلوها بصدورهم فأزالت الريح أقدامهم، فقالوا: ياهود، إن ريحك هذه تزيل أقدامنا فألقتهم الريح لوجوهم ونفست عليهم الرمل حتى إنه يسمع أنين أحدهم من تحت الرمل، فذلك قوله:﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾[فصلت: ١٥]، وقال لهم هود حين جاءتهم الريح إنها: ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾ يعني تهلك كل شىء من عاد بأمر ربهما من الناس والأموال والدواب، بإذن ربها يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ﴾ بالشجر ولم يبق لهم شىء ﴿ كَذَلِكَ ﴾ يقول هكذا ﴿ نَجْزِي ﴾ بالعذاب ﴿ ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ [آية: ٢٥] بتكذيبهم وهاجت الريح غدوة وسكنت بالعشي اليوم الثامن عند غروب الشمس، فذلك قوله:﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ ﴾[الحاقة: ٧] يعني كاملة دائمة متتابعة، قال النبى صلى الله عليه وسلم:" نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور، ثم بعث الله طيراً سوداً فالتقطتهم حتى ألقتهم في البحر ".


الصفحة التالية
Icon