﴿ وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ ﴾ يعني محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان ﴿ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضَ ﴾ يقول فليس بسابق الله فيقول هرباً في الأرض حتى يجزيه بعمله الخبيث ﴿ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ ﴾ يعني ليس له أقرباء يمعنونه من الله، عز وجل ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾ الذين لا يجيبون إلى الإيمان. ﴿ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ٣٢] يعني بين هذا قول الجن التسعة" فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الذين أنذروا مع التسعة تكلمه سبعين رجلاً من الجن من العام المقبل فلقوا النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وأمرهم ونهاهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليل قبل أن يلقاهم لأصحابه: " ليقم معى منكم رجل ليس في قلبه مثقال حبة خردل من شك " فقام عبدالله بن مسعود ومعه إدواة فيها نبيذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: " قم مكانك "، وخط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً، وقال: " لا تبرح حتى أرجع إليك إن شاء الله، ثم قال: إن سمعت صوتاً أو جبلة أو شيئاً يفزعك فلا تخرج من مكانك " فوقف عبدالله حتى أصبح، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم الشعب، وقال له: " لاتخرج من الخط فإن أنت خرجت اختطفت الليلة "، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليهم القرآن ويعلمهم ويؤدبهم واختصم رجلا منهم في دم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعوا أصواتهم فسمع ابن مسعود الصوت فقال: والله لآتينه فلعل كفار قريش أن يكونوا مكروا به فلما أراد الخروج من الخط ذكر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج ووقف عبدالله حتى أصبح، والنبي صلى الله عليه وسلم في الشعب يعلمهم ويؤدبهم حتى أصبح فانصرف الجن وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فقال عبدالله: يا نبي الله، ما زلت قائماً حتى رجعت إلي، وقد سمعت أصواتاً مرتفعة حتى هممت بالخروج فذكرت قولك فأقمت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اختصموا في قتلى لهم كانوا أصابوها في الجاهلية فقضيت بينهم، ثم قال: أمعك طهور "؟ قال نعم: نبيذ في إدواة، فقال: " ثمرة طيبة وماء طهور عذاب، صب علي " فصب عليه ابن مسعود، فتوضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أراد أن يصليا أقبل الرجلان، اللذان اختصما في الدم حتى وقفا عليه رآهما النبي صلى الله عليه وسلم ظن أنهم رجعا يختصمان في الدم، فقال: " مالكما ألم أقض بينكما؟ " قالا: يا رسول الله، إنا جئنا نصلي معك ونقتدي بك فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وقام ابن مسعود والرجلان من الجن ورءا النبي صلى الله عليه وسلم فصلوا معه فذلك قوله: ﴿ وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ﴾ [الجن: ١٩] من حبهم إياه، ثم انصرفوا من عنده مؤمنين فلم يبعث الله، عز وجل، نبياً إلى الإنس والجن قبل محمد صلى الله عليه وسلم. فقالوا: يا رسول الله، مر لنا برزق حتى نتزود في سفرنا؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم فإن لكم أن يعود العظم لحماً والبعر حباً هذا لكم إلى يوم القيامة فلا يحل للمسلم أن يستنجى بالعظم ولا بالبعر، ولا بالرجيع "، يعني رجيع الدواب، ولم يبعث الله نبياً إلى الجن والأنس قبل محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن مسعود: لقد رأيت رجالا مستنكرين طولا سودا كأنهم من أزد شنوءة لو خرجت من ذلك الخط لظننت أني سأختطف.


الصفحة التالية
Icon