قوله: ﴿ لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّؤْيَا بِٱلْحَقِّ ﴾ وذلك أن الله عز وجل أرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه وأصحابه حلقوا وقصروا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوه في عامهم ذلك، وقالوا: إن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق، فردهم الله عز وجل عن دخول المسجد الحرام إلى غنيمة خيبر، فقال المنافقون عبدالله بن أبي، وعبد الله بن رسل، ورفاعة بن التابوه: والله، ما حلقنا ولا قصرنا، ولا رأينا المسجد الحرام، فأنزل الله تعالى: ﴿ لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّؤْيَا بِٱلْحَقِّ ﴾.
﴿ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ ﴾ يعني العام المقبل ﴿ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ﴾ يستثنى على نفسه مثل قوله: ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ ﴾ ويكون ذلك تأديباً للمؤمنين ألا يتركوا الاستثناء، في رد المشيئة إلى الله تعالى ﴿ آمِنِينَ ﴾ من العدو ﴿ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ﴾ من أشعاركم ﴿ لاَ تَخَافُونَ ﴾ عدوكم ﴿ فَعَلِمَ ﴾ الله أنه يفتح عليهم خيبر قبل ذلك فعلم ﴿ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ ﴾ فذلك قوله: ﴿ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ ﴾ يعني قبل ذلك الحلق والتقصير ﴿ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ [آية: ٢٧] يعني غنيمة خيبر وفتحها، فلما كان في العام المقبل بعدما رجع من خيبر أدخله الله هو وأصحابه المسجد الحرام، فأقاموا بمكة ثلاثة أيام فحلقوا وقصروا تصديق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon