ثم قال تعالى للذين أنكروا أنه رسول الله: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ ﴾ من المؤمنين ﴿ أَشِدَّآءُ ﴾ يعني غلظاء ﴿ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ﴾ يقول: متوادين بعضهم لبعض ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ﴾ يقول: إذا رأيتهم تعرف أنهم أهل ركوع وسجود في الصلوات ﴿ يَبْتَغُونَ فَضْلاً ﴾ يعني رزقاً ﴿ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً ﴾ يعني يطلبون رضي ربهم ﴿ سِيمَاهُمْ ﴾ يعني علامتهم ﴿ فِي وُجُوهِهِمْ ﴾ الهدى والسمت الحسن ﴿ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ﴾ يعني من أثر الصلاة ﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ ﴾ يقول: ذلك الذي ذكر من نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة. ثم ذكر نعتهم في الإنجيل، فقال: ﴿ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾ يعني الحلقة وهو النبت الواحد في أول ما يخرج ﴿ فَآزَرَهُ ﴾ يعني فأغانه أصحابه، يعني الوابلة التي تنبت حول الساق فآزره كما آزر الحلقة والوابلة بعضه بعضاً، فأما شطأه، فهو محمد صلى الله عليه وسلم خرج وحده كما خرج النبت وحده، وأما الوابلة التي تنبت حول الشطأه، فاجتمعت فهم المؤمنون كانوا في قلة كما كان أول الزرع دقيقاً، ثم زاد نبت الرزع فغلظ فآزره ﴿ فَٱسْتَغْلَظَ ﴾ كما آزر المؤمنون بعضهم بعضاً حتى إذا استغلظوا واستووا على أمرهم كما استغلظ هذا الزرع.﴿ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ ﴾ فكما يعجب الزراع حسن زرعه حين استوى قائماً على سوقه، فكذلك يغيظ الكفار كثرة المؤمنين واجتماعهم. ثم قال: ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ يعني صدقوا ﴿ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ من الأعمال ﴿ مِنْهُم مَّغْفِرَةً ﴾ لذنوبهم ﴿ وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [آية: ٢٩] يعني به الجنة. حدثنا عبدالله، قال: حدثني أبي، قال: قال الهذيل، عن محمد بن إسحاق: قال: المعرة الدية، ويقال: الشين.


الصفحة التالية
Icon