قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ ﴾ يقول: لا تحققوا الظن، وذلك أن الرجل يسمع من أخيه كلاماً لا يريد به سوء، أو يدخل مدخلاً لا يريد به سوءا فيراه أخوه المسلم، أو يسمعه فيظن به سوءا، فلا بأس ما لم يتكلم به، فإن تكلم به أثم، فذلك قوله: ﴿ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ ثم قال: ﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾ يعني لا يبحث الرجل عن عيب أخيه المسلم، فإن ذلك معصية ﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾ نزلت في فتير، ويقال: فهير خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه قيل له: إنك وخيم ثقيل بخيل، والغيبة أن يقول الرجل المسلم لأخيه ما فيه من العيب، فإن قال ما ليس فيه فقد بهته. ثم ضرب للغيبة مثلاً، فقال: ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ يقول: إذا غاب عنك المسلم، فهو حين تذكره بسوء بمنزلة الشىء الميت، لأنه لا يسمع بعيبك إياه، فكذلك الميت لايسمع ما قلت له، فذلك قوله: ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ يعني كما كرهتم أكل لحم الميت، فأكرهوا الغيبة لإخوانكم ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ في الغيبة فلا تغتابوا الناس ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ ﴾ على من تاب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ١٢] بهم بعد التوبة، والغيبة أن تقول لأخيك ما فيه من العيب، فإن قلت ما ليس فيه فقد بهته، وإن قلت ما بلغك فهذا الإفك.


الصفحة التالية
Icon