﴿ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ﴾ نزلت في أعراب جهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار وأشجع كانت منازلهم بين مكة والمدينة، فكانوا إذا مرت بهم سرية من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: آمنا ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، وكان يومئذ من قال: لا إله إلا الله يأمن على نفسه وماله، فمر بهم خالد بن الوليد في سرية النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: آمنا، فلم يعرض لهم، ولا لأموالهم، فلما سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية واستنفرهم معه، فقال بعضهم لبعض: إن محمداً وأصحابه أكلة رأس لأهل مكة، وأنهم كلفوا شيئاً لا يرجعون عنه أبداً فأين تذهبون تقتلون أنفسكم؟ انتظروا حتى ننظر ما يكون من أمره، فذلك قوله في الفتح:﴿ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً ﴾إلى آخر الآية [الفتح: ١٢].
فنزلت فيهم: ﴿ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا ﴾ يعني صدقنا.
﴿ قُل لَّمْ ﴾ يا محمد: ﴿ قُل لَّمْ ﴾ لم تصدقوا ﴿ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا ﴾ يعني قولوا أقررنا باللسان، واستسلمنا لتسلم لنا أموالنا ﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ ﴾ يعني ولما يدخل التصديق ﴿ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ في قتال أهل اليمامة حيث قال في سورة الفتح﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾[الفتح: ١٦] يعني قتال مسليمة بن حبيب الكذاب، وقومه بني حنيفة.
﴿ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ إذا دعيتم إلى قتالهم ﴿ لاَ يَلِتْكُمْ ﴾ يعني لا ينقصكم ﴿ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً ﴾ الحسنة يعني جهاد أهل اليمامة حين دعاهم أبو بكر، رضي الله عنه ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾ يعني ذو تجاوز لما كان قبل ذلك يوم الحديبية ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ١٤] بهم إذا فعلوا ذلك نظيرها في الفتح.


الصفحة التالية
Icon