ثم ذكر آلهتهم، فقال: ﴿ إِنْ هِيَ ﴾ يقول: ما هي ﴿ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴾ بأنها آلهة من قوله:﴿ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ ﴾[الصافات: ١٥٦] يعني كتاب فيه حجة مثل قوله:﴿ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً ﴾[الروم: ٣٥]، يعني كتاباً لهم فيه حجة ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ ﴾ يقول: ما لهم من علم بأنها آلهة إلا ظناً ما يستيقنون بأن اللات والعزى ومناة آلهة ﴿ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ ﴾ يعني القلوب ﴿ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ ﴾ [آية: ٢٣] يعني القرآن ﴿ أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴾ [آية: ٢٤] بأن الملائكة تشفع لهم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم، والليل إذا يغشى، أعلنهما بمكة، فلما بلغ ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ ﴾ نعس فألقى الشيطان على لسانه تلك " الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلا " عندها الشفاعة ترتجى، يعني الملائكة ففرح كفار مكة ورجوا أن يكون للملائكة شفاعة، فلما بلغ أخرها سجد، وسجد المؤمنون تصديقاً لله تعالى وسجد كفار مكة عند ذكر الآهلة غير أن الوليد بن المغيرة، وكان شيخاً كبيرا، فرفع التراب إلى جبهته فسجد عليه، فقال: يحيا كما تحيا أم أيمن وصواحبتها، وكانت أم أيمن خادم النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم خيبر. وقال في الأنعام:﴿ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾[الأنعام: ١٢]، لا شك فيه﴿ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى ﴾[النجم: ٣١] فلما رجوا أن الملائكة شفاعة، أنزل الله تعالى: ﴿ فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ ﴾ [آية: ٢٥] يعني الدنيا والآخرة.