﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾ يقول ذكر الله ما في السموات من الملائكة وما في الأرض من الخلق ﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ في ملكه ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [آية: ١] في أمره ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ يعني يهود بني النضير ﴿ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾ بعد قتال أحد أخرجهم ﴿ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ ﴾ يعني القتال والحشر الثانى للقيامة، وهو الجلاء من المدينة إلى الشام وأذرعات ﴿ مَا ظَنَنتُمْ ﴾ يقول للمؤمنين ما حسبتم ﴿ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ ﴾ يعني وحسبوا ﴿ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ ﴾ يعني من قبل قتل كعب بن الأشرف، ثم قال: ﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ﴾ بقتل كعب بن الأشرف أرعبهم الله بقتله لأنه كان رأسهم وسيدهم قتله محمد بن مسلمة الأنصاري، وكان أخاه من الرضاعة وغيره، وكان محمد ليلة قتل كعب بن الأشرف أخو محمد بن سلمة، وأبو ليل، وعتبة كلهم من الأنصار. قوله: ﴿ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾" وذلك أن المنافقين دسوا وكتبوا إلى اليهود ألا يخرجوا من الحصن، وأن يدبروا على الأزقة وحصونها، فإن قاتلتم محمداً فنحن معكم لا نخذلكم ولننصرنكم، ولئن أخرجتم لنخرجن معكم، فلما سار النبى صلى الله عليه وسلم إليهم وجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف، قالوا: يا محمد، واعية على أثر واعية، وباكية على أثر باكية، وناتحة أعلى ناتجة، قال: نعم، قالوا: فذرنا نبكى شجونا، ثم نأتمر لأمرك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أخرجوا من المدينة، قالوا: الموت أقرب إلينا من ذلك، فنادوا الحرب، واقتتلوا وكان المؤمنون إذا ظهروا على درب من دروبهم تأخروا إلى الذى يليه فنقبوه من دبره، ثم حصنوها ويخرب المسلمون ماظهروا عليه من نقض بيوتهم، فيبتون دوربا، على أفواه الأزقة، فذلك قوله: يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين "﴿ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ ﴾ [آية: ٢] يعني المؤمنين أهل البصيرة في أمر الله، وأمر النضير.