﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً ﴾ وذلك يوم فتح مكة،" لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال، وهو جالس على الصفا، وعمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أسفل منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئاً "، وكانت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان منتقبه مع النساء، فرفعت رأسها، فقالت: والله، إنك لتأخذ علينا أمراً ما رأيتك أخذته على الرجال، فقد أعطيناكه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وَلاَ يَسْرِقْنَ ﴾، فقالت: والله إني لأصيب من مال أبي سفيان هنات، فما أدرى أتحلهن لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: نعم، ما أصبت من شىء فيما مضى وفيما غير فهو لك حلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وإنك لهند بنت عتبة "، فقالت: نعم، فاعف عما سلف عفا الله عنك، ثم قال: ﴿ وَلاَ يَزْنِينَ ﴾ قالت: وهل تزنى الحرة؟ ثم قال: ﴿ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ ﴾ فقالت: ربيناهم صغاراً وقتلتوهم كباراً، فأنتم وهم أعلم، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى، ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ضحك من قولها ". ثم قال: ﴿ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ﴾ والبهتان أن تقذف المرأة ولداً من غير زوجها على زوجها، فتقول لزوجها هو منك وليس منه، قالت: والله إن البهتان لقبيح، ولبعض التجاوز أمثل، وما تأمر إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ثم قال: ﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾ يعني في طاعة الله تعالى فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن النوح وشد شعر وتمزيق الثياب، أو تخلو غريب في حضر، ولا تسافر فوق ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ونحو ذلك، قالت: هند: ما جلسنا في مجلسنا هذا، وفى أنفسنا أن نعصيك في شىء فأقر النسوة بما أخذ عليهن النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: ﴿ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾ لما كان في الشرك ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ١٢] فيما بقي.


الصفحة التالية
Icon