قوله تعالى: ﴿ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ ﴾ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهود المدينة يدعوهم إلى الإسلام، فكتب يهود المدينة إلى يهود خيبر أن محمداً يزعم أنه نبى، وأنه يدعونا وإياكم إلى دينه، فإن كنتم تريدون متابعته فاكتبوا إلينا ببيان ذلك، وإلا فأنتم ونحن على أمر واحد لا نؤمن بمحمد، ولا نتبعه، فغضبت يهود خيبر، فكتبوا إلى يهود المدينة كتاباً قبيحاً، وكتبوا أن إبراهيم كان صديقاً نبياً، وكان من بعد إبراهيم إسحاق صديقاً نبياً، وكان من بعد إسحاق يعقوب صديقاً نبياً، وولد يعقوب اثنا عشر، فولد لكل رجل منهم أمة من الناس، ثم كان من بعدهم موسى، ومن بعد موسى عزيز، فكان موسى يقرأ التوراة من الألواح. وكان عزيز يقرؤها ظاهراً، ولولا أنه كان ولداً لله ونبيه وصفيه لم يعطه ذلك، فنحن وأنتم سبطه، وسبط من اتخذه الله خليلاً، ومن سبط من كلمه الله تكليماً، فنحن أحق بالنبوة والرسالة من محمد صلى الله عليه سلم، ومتى كان الأنبياء من جزائر العرب؟ ما سمعنا بنبي قط كان من العرب إلا هذا الرجل الذي تزعمون، على أنا نجد ذكره في التوراة فإن تبعتموه صغركم ووضعكم فنحن أبناء الله وأحباؤه. فقال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ ﴾ لليهود ﴿ إِن زَعمْتُمْ ﴾ يعني إذ زعمتم ﴿ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ ﴾ في الآخرة ﴿ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ ﴾ وأحباؤه ﴿ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آية: ٦] بأنكم أولياؤه وأحباؤه، وأن الله ليس بمعذبكم، ثم أخبر عنهم، فقال: ﴿ وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ ﴾ من ذنوبهم وتكذيبهم بالله ورسوله ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ ﴾ [آية: ٧] يعني اليهود.


الصفحة التالية
Icon