ثم أخبر الله تعالى عن عاد وثمود، فقال: ﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ ﴾ [آية: ٥] يقول: عذبوا بطغيانهم، والطغيان حملهم على تكذيب صالح النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ ﴾ يعني عذبوا ﴿ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ﴾ يعني باردة ﴿ عَاتِيَةٍ ﴾ [آية: ٦] شديدة عتت على خزائنها بغير رأفة ولا رحمة ﴿ سَخَّرَهَا ﴾ يعني سلطها ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ الرب تبارك وتعالى ﴿ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ﴾ فهى كاملة دائمة لا تفتر عنهم فيهن، يعذبهم بالريح كل يوم حتى أفنت أرواحهم يوم الثامن ﴿ فَتَرَى ﴾ يا محمد ﴿ ٱلْقَوْمَ فِيهَا ﴾ يعني في تلك الأيام ﴿ صَرْعَىٰ ﴾ يعني موتى، يعني أمواتاً، وكان طول كل رجل منهم اثني عشر ذراعاً. ثم شبههم بالنخل، فقال: ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ ﴾ فذكر النخل لطولهم ﴿ خَاوِيَةٍ ﴾ [آية: ٧] يعني أصول نخل بالية التي ليست لها رءوس، وبقيت أصولها وذهبت أعناقها ﴿ فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴾ [آية: ٨] يقول: لم تبق منهم أحداً ﴿ وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ ﴾ يعني ومن معه ﴿ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ ﴾ يعني والمكذبات ﴿ بِالْخَاطِئَةِ ﴾ [آية: ٩] يعني قريات لوط الأربعة، واسمها سدوم وعامورا وصابورا ودامورا.
﴿ فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ ﴾ يعني لوطاً ﴿ فَأَخَذَهُمْ ﴾ الله ﴿ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴾ [آية: ١٠] يعني شديدة ربت عليهم في الشدة أشد من معاصيهم التي عملوها ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ ﴾ وارتفع فوق كل شىء أربعين ذارعاً ﴿ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ ﴾ [آية: ١١] يعني السفينة يقول: حملنا الآباء وأنتم في أصلابهم في السفينة ﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ ﴾ يعني لكي نجعلها لكم، يعني في هلاك قوم نوح لكم يا معشر الأبناء ﴿ تَذْكِرَةً ﴾ يعني عظة وتذكرة، يعني وعبرة لكم ولمن بعدكم من الناس ﴿ وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ [آية: ١٢] يعني حافظة لما سعمت فانتفعت بما سمعت من الموعظة.