ثم قال، يعني الوليد بن المغيرة: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ ﴾ في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فزعم أنه ساحر، وقال مثل ما قالفي التقديم ﴿ وَقَدَّرَ ﴾ [آية: ١٨]في قوله: إن محمداً يفرق بين الاثنين ﴿ فَقُتِلَ ﴾ يقول: فلعن ﴿ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ [آية: ١٩] السحر ﴿ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ [آية: ٢٠] يعني ثم لعن كيف قدر ﴿ ثُمَّ نَظَرَ ﴾ [آية: ٢١] فيما يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم من السحر ﴿ ثُمَّ عَبَسَ ﴾ وجهه يعني كلح كقوله:﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ﴾[عبس: ١]، يعني كلح وجه ابن أم مكتوم ﴿ وَبَسَرَ ﴾ [آية: ٢٢] يعني وتغير لون وجهه ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [آية: ٢٦] يعني الباب الخامس من جهنم. ثم قال: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ﴾ [آية: ٢٧] ثم أخبر الله عنها تعظيماً لها، لشدتها ليعذبه بها، فقال: ﴿ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ ﴾ [آية: ٢٨] يعني لا تبقى النار إذا رأتهم حتى تأكلهم ولا تذرهم إذا حلفوا لها حتى تواقعهم ﴿ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ ﴾ [آية: ٢٩] محرقة للخلق ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ [آية: ٣٠] يقول: في النار من الملائكة تسعة عشر خزنتها، يعني مالكاً، ومن ومعه ثمانية عشر ملكاً، أعينهم كالبرق الخاطف، وأنيابهم كالصياصى، يعني مثل قرون البقر وأشعارهم تمس أقدامهم، يخرج لهب النار من أفواههم، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سبعين سنة يسع كف أحدهم مثل ربيعة ومضر، قد نزعت منهم الرأفة والرحمة غضاباً يدفع أحدهم سبعين ألفا، فيلقيهم حيث أراد من جهنم، فيهوى أحدهمفي جهنم مسيرة أربعين سنة، لا تضرهم النار لأن نورهم أشد من حر النار، ولولا ذلك لم يطيقوا دخول النار طرفة عين، فلما قال الله: ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾، قال أبو جهل بن هشام: يا معشر قريش، ما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر، ويزعم أنهم خزنة جهنم يخوفكم بتسعة عشر، وأنتم ألدهم أيعجز كل مائة منكم أن تطبش بواحد منهم، فيخرجوا منها. وقال أبو الأشدين، اسمه أسيد بن كلدة بن خلف الجمحي: أنا أكفيكم سبعة عشر، أحمل منهم عشرة على ظهري، وسبعة على صدرى، وأكفوني منهم اثنين، وكان شديداً، فسمي أبا الأشدين لشدته بذلك سمى، وكنيته أبو الأعور.