﴿ وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ ﴾ [آية: ٨] فذهب ضوءه ﴿ وَجُمِعَ ﴾ بين ﴿ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ ﴾ [آية: ٩] كالبقرتين المقرونتين يوم القيامة قياماً بين يدى الخلائق، ثم ذكر فقال: ﴿ يَقُولُ ﴾ هذا ﴿ ٱلإِنسَانُ ﴾ المكذب بيوم القيامة ﴿ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ ﴾ [آية: ١٠] يعني أين المهرب حتى أحرز نفسي يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ كَلاَّ لاَ وَزَرَ ﴾ [آية: ١١] يعني لا جبل يحرزك، ويسمى حمير الجبل وزر، ثم استأنف، فقال: ﴿ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ ﴾ [آية: ١٢] يعني المنتهى يومئذ إلى الله عز وجل لا تجد عنه مرحلا ﴿ يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ ﴾ لآخرته، ثم قال: ﴿ وَ ﴾ ﴿ وَأَخَّرَ ﴾ [آية: ١٣] من خير أو شر بعد موته في ديناه، فاستن بها قوم بعده. يقول الله تعالى: ﴿ بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾ [آية: ١٤] وذلك حين كتمت الألسن في سورة الأنعام، وختم الله عليها في سورة﴿ يسۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ ﴾، فقال﴿ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ ﴾[يس: ٦٥]، فنطقت الجوارح على الألسن بالشرك في هذه السورة، فلا شاهد أفضل من نفسك، فذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿ بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾ يعني جسده وجوارحه شاهدة عليه بعمله، فذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾ يعني شاهداً، ثم قال: ﴿ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ ﴾ [آية: ١٥] ولو أدلى بحجته لم تنفعه، وكان جسده عليه شاهداً ﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ﴾ في قلبك يا محمد ﴿ وَقُرْآنَهُ ﴾ [آية: ١٧] حتى نقريكه حتى تعلمه وتحفظه في قلبك ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾ يقول: فإذا تلوناه عليك يقول: إذا تلا عليك جبريل صلى الله عليه وسلم ﴿ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [آية: ١٨] يقول: فاتبع ما فيه، وذلك أن جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، فإذا قرأه عليه تلاه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يفرغ جبريل من الوحي مخافة أن لا يحفظه، فقال الله تعالى: ﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ ﴾ بتلاوته قبل أن يفرغ جبريل صلى الله عليه وسلم ﴿ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ﴾ في قلبك ﴿ وَقُرْآنَهُ ﴾ عليك، يعني نقريكه حتى تحفظه.﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [آية: ١٩] يعني أن نبين لك حلاله وحرامه، كما قال الله تعالى:﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ﴾[الأعلى: ١٤، ١٥] يقول الله تعالى في هذه السورة ﴿ كَلاَّ بَلْ ﴾ لا تزكون، ولا تصلون، و ﴿ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ ﴾ [آية: ٢٠] يعني كفار مكة، تحبون الدنيا ﴿ وَتَذَرُونَ ﴾ عمل ﴿ ٱلآخِرَةَ ﴾ [آية: ٢١] يقول: تختارون الحياة الدنيا على الآخرة، فلا تطلبونها، نظيرها في ﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ ﴾ ﴿ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ ﴾ [القيامة: ٢٠، ٢١].