﴿ وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ ﴾ [آية: ٨] في الحر ﴿ وَهُوَ يَخْشَىٰ ﴾ [آية: ٩] الله يعني بن أم مكتوم ﴿ فَأَنتَ عَنْهُ ﴾ يا محمد ﴿ تَلَهَّىٰ ﴾ [آية: ١٠] يعني تعرض بوجهك عنه، ثم وعظ الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقبل على من استغنى عنه فقال: لا تقبل عليه ولا تعرض عن من جاءك يسعى، ولا تقبل على من استغنى وتعرض عن من يخشى ربه، فلما نزلت هذه الآية في ابن مكتوم، أكرمه النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفه بعد ذلك على المدينة مرتين في غزواته، ثم انقطع الكلام، ثم استأنف فقال: ﴿ كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴾ [آية: ١١] يعني آيات القرآن ﴿ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ ﴾ [آية: ١٢] يعني الرب تعالى نفسه، يقول: من شاء الله تعالى فهمه يعني القرآن، يقول من شاء ذكر، أن يفرض الأمر إلى عباده. ثم قال: إن هذا القرآن ﴿ فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ﴾ [آية: ١٣] يعني في كتب مكرمة ﴿ مَّرْفُوعَةٍ ﴾ يعني به اللوح المحفوظ، مرفوعة فوق السماء الرابعة نظيرها، في الواقعة عند الله ﴿ مُّطَهَّرَةٍ ﴾ [آية: ١٤] من الشرك والكفر ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ [آية: ١٥] يعني تلك الصحف بأيدي كتبة كرام مسلمين، ثم اثنى على الملائكة الكتبة، فقال: ﴿ كِرَامٍ ﴾ يعني مسلمين، وهم الملائكة ﴿ بَرَرَةٍ ﴾ [آية: ١٦] يعني مطيعين لله تعالى أنقياء أبرار من الذنوب، وكان ينزل إليهم اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، إلى الكتبة من الملائكة، ثم ينزل به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انقطع الكلام، فذلك قوله: ﴿ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ ﴾ يعني لعن الإنسان ﴿ مَآ أَكْفَرَهُ ﴾ [آية: ١٧] يقول: الذي أكفره،" نزلت هذه الآية في عتبة بن أبى لهب بن عبدالمطلب، وذلك أنه كان غضب على أبيه فأتى محمداً صلى الله عليه وسلم فآمن به، فلما رضي أبوه عنه وصالحه وجهزه وسرحه إلى الشام بالتجارات فقال: بلغوا محمداً عن عتبة أنه قد كفر بالنجم، فلما سمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " اللهم سلط عليه كلبك يأكله " فنزل ليلا في بعض الطريق فجاء الأسد فأكله "، ثم قال وهو يعلم: ﴿ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ ﴾ [آية: ١٨] فأعلمه كيف خلقه ليعتبر في خلقه فقال: ﴿ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴾ [آية: ١٩] في بطن أمه من نطفة، ثم من عقلة، ثم من مضغة، ثم عظماً، ثم روحاً، فقدر هذا الخلق في بطن أمه ثم أخرج من بطن أمه ﴿ ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴾ [آية: ٢٠] يعني هون طريقه في الخروج من بطن أمه يقول يسره للخروج أفلا يعتبر فيوحد الله في حسن خلقه فيشكر الله في نعمه ﴿ ثُمَّ أَمَاتَهُ ﴾ عند أجله ﴿ فَأَقْبَرَهُ ﴾ [آية: ٢١].
﴿ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ ﴾ [آية: ٢٢] في الآخرة يعني إذا شاء بعثه من بعد موته ﴿ كَلاَّ ﴾ لا يؤمن الإنسان بالنشور، ثم استأنف فقال: ﴿ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ ﴾ [آية: ٢٣] يعني ما عهد الله إليه أمر الميثاق الأول، يعني التوحيد، يعني بها آدم، عليه السلام، ثم استأنف ذكر ما خلق عليه، فذكر رزقه ليعتبر.