ثم أقسم الرب عز وجل، فقال: ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ ﴾ [آية: ١٦] فأما الشفق فهو الضوء الذي يكون بعد غروب الشمس إلى أن تغيب، قال: ﴿ وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ [آية: ١٧] يقول: ما ساق من الظلمة ﴿ وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ ﴾ [آية: ١٨] في ليلة ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، فهن البيض، فهو يستوى في الشهر ثلاث ليل يشتد ضوءه، ويجتمع من ثلاث عشرة، فأقسم الله عز وجل بالشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق ﴿ لَتَرْكَبُنَّ ﴾ هذا العبد ﴿ طَبَقاً عَن طَبقٍ ﴾ [آية: ١٩] يقول: حالاً بعد حال يقول: خلقاً من نطفة، ثم صارت النطفة علقة، ثم صارت العلقة مضغة، ثم صارت إنساناً ميتاً في بطن أمه، حتى نفخ فيه الروح، ثم صار إنساناً حياً، ثم أخرجه الله تعالى في بطن أمه، حتى نفخ فيه الروح، ثم صار إنساناً حياً، ثم أخرجه الله تعالى من بطن أمه، فكان طفلاً، ثم يبلغ أشده، ثم شاخ وكبر، ثم مات ولبث في قبره، حتى صار تراباً، ثم أنشأه الله عز وجل بعد ذلك يوم القيامة. قال: ﴿ فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ٢٠] بالعبث وقد كانوا من قبل هذا الذي وصفته ﴿ وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ ﴾ [آية: ٢١] وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ذات يوم﴿ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب ﴾[العلق: ١٩]، فسجد وسجد المؤمنون معه، وكانت قريش يصفقون فوق رءوسهم، ويصفرون وكان الذي يصفر قريب القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله:﴿ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً ﴾[الأنفال: ٣٥]، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجدوا وسخروا منه، وكان إذا قرأ آذوه بالصفير والتصفيق، فأنزل الله عز وجل: ﴿ فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ يقول: لكن الذين كفروا ﴿ يُكَذِّبُونَ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ﴾ [آية: ٢٣] يقول: بما يجمعون عليه من الإثم والفسوق ﴿ فَبَشِّرْهُمْ ﴾ يا محمد ﴿ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آية: ٢٤] يقول: عذاب وجيع لأهل مكة كلهم، ثم استثنى لعلم قد سبق، فقال: ﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [آية: ٢٥].