قوله: ﴿ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ ﴾ [آية: ١] يقول: والسماء ذات النجوم، نظيرها في تبارك:﴿ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً ﴾يقول: جعل في السماء نجوماً،﴿ وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً ﴾وهى الشمس﴿ وَقَمَراً مُّنِيراً ﴾[الفرقان: ٦١].
وقوله تعالى: ﴿ وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ ﴾ [آية: ٢] يقول: هو يوم القيامة الذي وعد الله عز وجل أولياءه الجنة، وأعداءه النار، فذلك قوله: ﴿ وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ ﴾.
﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [آية: ٣] يقول: يوم النحر، والفطر، ويوم الجمعة، فهذا قسم إن﴿ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾[البروج: ١٢]، قوله: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ ﴾ [آية: ٤] وذلك أن يوسف بن ذي نواس من أهل نجران كان حفر خدا، وأوقد فيه النار، فمن تكلم منهم بالتوحيد أحرقه بالنار، وذلك أنه كان قد آمن من قومه ثمانون رجلاً، وتسع نسوة، فأمرهم أن يرتدوا عن الإسلام، فأبوا فأخبرهم أنه سيعذبهم بالنار فرضوا لأمر الله عز وجل، فأحرقهم كلهم، فلم يزل يلقى واحداً بعد واحد في النار حتى مرت امرأة ومعها صبى لها صغير يرضع فلما نظرت المرأة إلى ولدها أشفقت عليه، فرجعت فعرضوا عليها أن تكفر فأبت فضربوها حتى رجعت فلم تزل ترجع مرة، وتشفق مرة، حتى تكلم الصبي فقال لها: يا أماه إن بين يديك ناراً لا تطفأ أبداً، فلما سمعت قول الطفل أحضرت حتى ألقت نفسها في النار، فجعل الله عز وجل أرواحهم في الجنة، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قتل أصحاب الأخدود يوسف بن ذي نواس وأصحابه. ثم ذكر مساوئهم، فقال: ﴿ ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴾ [آية: ٦] يعني أصحابه قعود على شفة الخد ﴿ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ﴾ [آية: ٧] قال: كانوا يعرفون أن يوسف بن ذي نواس ليس يعذب إلا بالإيمان، ثم قال: يتعجب من سوء صنيعهم، فقال: ﴿ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ ﴾ يقول: وأي ريبة رأوا منهم؟ ما عذبهم ﴿ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ﴾ في نقمته ﴿ ٱلْحَمِيدِ ﴾ [آية: ٨] ﴿ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ﴾ من السر والعلانية ﴿ شَهِيدٌ ﴾ [آية: ٩].