قوله: ﴿ وَٱلضُّحَىٰ ﴾ [آية: ١] ﴿ وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴾ [آية: ٢] أقسم الله عز وجل، فقال: والضحى يعني حر الشمس وهي أول ساعة من النهار حين تطلع الشمس، وبالليل إذا سجى، يعني إذا غطى بهيمه ضوء النهار، فأقسم الله عز وجل ببدو الليل والنهار، فقال: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ ﴾ يا محمد ﴿ وَمَا قَلَىٰ ﴾ [آية: ٣] يعني وما مقتك، وذلك أن حبريل، عليه السلام، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً، ويقال: ثلاثة أيام، فقال: مشركوا العرب من أهل مكة: لو كان من الله لتتابع عليه الوحي، كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء، فقد ودعه الله وتركه صاحبه، فما يأتيه، فقال المسلمون: يا رسول الله، فما نزل عليك الوحي؟ قال: كيف ينزل على الوحي، وأنتم لا تنقُّون براجمكم، ولا تقلمون أظفاركم، قال: أقسم الله بهما، يعني بالليل والنهار، فقال: ما ودعك ربك، يا محمد، وما قلى، يقول: وما مقتك، لقولهم قد ودعه ربه وقلاه،" فلما نزل جبريل، عليه السلام، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا جبريل، ما جئت حتى اشتقت إليك "، فقال جبريل، عليه السلام: أنا كنت إليك اشد شوقاً لكرامتك على الله عز وجل، ولكني عبد مأمور، "﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا ﴾من الدنيا﴿ وَمَا خَلْفَنَا ﴾من الآخرة،﴿ وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ ﴾يعني بين الدنيا والآخرة بين النفختين، وهي أربعون سنة. ثم قال:﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ﴾[مريم: ٦٤]، يقول: لم ينسك ربك يا محمد.
﴿ وَلَلآخِرَةُ ﴾ يعني الجنة ﴿ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ ﴾ [آية: ٤] يعني من الدنيا، يعني أنه قد دنت القيامة والآخرة خير لك من الدنيا ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ ﴾ في الآخرة، وهو الخير ﴿ فَتَرْضَىٰ ﴾ [آية: ٥] يعني حتى ترضى، ثم ترضى، ثم ترضى بما يعطيك، ثم أخبره الله عز وجل عن حاله التي كان عليها، وذكره النعم، فقال له جبريل عليه السلام: ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ ﴾ [آية: ٦] يقول: فضمك إلى عمك أبي طالب، فكفاك المؤنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" " منّ عليّ ربي وهو أهل المن "، فقال جبريل، عليه السلام: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ ﴾ على الدلالة ﴿ فَهَدَىٰ ﴾ [آية: ٧] فهداك لدينه، فقال النبي صلى اله عليه وسلم: " منّ علىّ ربى وهو أهل المن "، فقال جبريل، عليه السلام: ﴿ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً ﴾ يعني فقيراً ﴿ فَأَغْنَىٰ ﴾ [آية: ٨] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " منّ علىّ ربى، وهو أهل المن " ". ثم وصاه الله عز وجل، فقال: ﴿ فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ [آية: ٩] يقول: لا تنهره، ولا تعبس في وجهه، فقد كنت يتيماً ﴿ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ ﴾ يعني الفقير المسكين ﴿ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾ [آية: ١٠] لا تنهره إذا سألك فقد كنت فقيراً ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [آية: ١١] يعني اشكر الله على ما ذكر في هذه السورة، وما صنع الله عز وجل بك من الخير، إذ قال: ألم تكن كذا، ففعلت بك كذا، أنزلت هاتين السورتين جميعاً بمكة: والضحى، والليل، وألم نشرح لك صدرك، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بهما سراً إلى من يطمئن إليه، ثم أتاه جبريل، عليه السلام، بأعلى مكة فدفع الأرض بيديه فانفجرت عين ماء، فتوضأ جبريل، عليه السلام، ليرى النبي صلى الله عليه وسلم وضوء الصلاة، ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فصلى به جبريل، عليه السلام، فلما انصرف أخبر خديجة، ثم صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم.