﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ ﴾ [آية: ١] وذلك أن لبيد بن عاصم بن مالك، ويقال: ابن أعصم اليهودي، سحر النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى عشرة عقدة في وتر، فجعله في بئر لها سبع موانى في جف طلعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يستند إليها فدب فيه السحر، واشتد عليه ثلاث ليال، حتى مرض مرضاً شديداً، وجزعت النساء، فنزلت المعوذات، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم إذ رأى كأن ملكين قد أتياه، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، ثم قال أحدهما لصاحبه، ما شكواه؟ قال: أصابه طب، يقول: سحر، قال: فمن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: في أى شىء؟ قال: تنزف البئر، ثم يخرج قشر الطلعة فيحرقه، ثم يحل العقد، كل عقدة بأية من المعوذتين، فذلك شفاؤه، فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وجه على بن أبي طالب، عليه السلام، إلى البئر، فاستخرج السحر وجاء به فأحرق ذلك القشر، ويقال: إن جبريل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمكان السحر وقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: حل عقدة واقرأ آية، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فجعل يذهب عنه ما كان يجد حتى برأ وانتشر للنساء.﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ ﴾ يعني برب الخلق ﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [آية: ٢] من الجن والإنس ﴿ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ ﴾ يعني ظلمة الليل ﴿ إِذَا وَقَبَ ﴾ [آية: ٣] يعني إذا دخلت ظلمة الليل في ضوء النهار، إذا غابت الشمس فاختلط الظلام.
﴿ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ ﴾ [آية: ٤] يعني السحر وآلاته، يعني الرقية التي هي لله معصية، يعني به ما تنفثن من الرقي في العقدة، والآخذة، يعني به السحر فهن الساحرات المهيجات الأخاذت ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [آية: ٥] يعني اليهود حين حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال له جبريل، عليه السلام: ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: يا جبريل، ما هو؟ قال: المعوذتان.
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ ﴾، و ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ﴾ وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" قيل لي، فقلت لكم، فقولوا كما أقول "، قال: وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما في المكتوبة.