يقول الله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ ﴾، يعنى كعباً وأصحابه.
﴿ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ﴾ [آية: ٥٢]، فلما رجع كعب إلى المدينة، بعث النبى صلى الله عليه وسلم إلى نفر من أصحابه بقتله، فقتله محمد بن مسلمة الأنصارى، من بنى حارثة بن الحارث تلك الليلة، فلما أصبح النبى صلى الله عليه وسلم سار فى المسلمين، فحاصر أهل النضير حتى أجلاهم من المدينة إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام.
﴿ أَمْ لَهُمْ ﴾، تقول: ألهم، والميم ها هنا صلة، فلو كان لهم، يعنى اليهود.
﴿ نَصِيبٌ ﴾، يعنى حظاً ﴿ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً ﴾ [آية: ٥٣]، يعنى لا يعطون الناس من بخلهم وحسدهم وقلة خيرهم، نقيراً يعنى بالنقير النقرة التى فى ظهر النواة التى ينبت منها النخلة. ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ ﴾، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وحده.
﴿ عَلَىٰ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾، يعنى ما أعطاهم من فضله، وذلك أن اليهود قالوا: انظروا إلى هذا الذى لا يشبع من الطعام، ما له هم إلا النساء، يعنون النبى صلى الله عليه وسلم، فحسدوه على النبوة وعلى كثرة النساء، ولو كان نبياً ما رغب فى النساء، يقول الله عز وجل: ﴿ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾، يعنى النبوة.
﴿ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً ﴾ [آية: ٥٤]، وكان يوسف منهم على مصر، وداود وسليمان منهم وكان لداود تسعة وتسعون امرأة، وكان لسليمان ثلاثمائة امرأة حرة، وسبعمائة سرية، فكيف تذكرون محمداً فى تسع نسوة، ولا تذكرون داود وسليمان، عليهما السلام، فكان هؤلاء أكثر نساء، وأكثر ملكاً من محمد صلى الله عليه وسلم. ومحمد أيضاً من آل إبراهيم، وكان إبراهيم، ولوطاً، وإسحاق، وإسماعيل، ويعقوب، عليهم السلام، يعملون بما فى صحف إبراهيم.
﴿ فَمِنْهُمْ ﴾، يعنى من آل إبراهيم ﴿ مَّنْ آمَنَ بِهِ ﴾، يقول: صدق بالكتاب الذى جاء به.
﴿ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ ﴾، يعنى أعرض عن الإيمان بالكتاب ولم يصدق به.
﴿ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ﴾ [آية: ٥٥]، يقول: وكفى بوقودها وعذابها وقوداً لمن كفر بكتاب إبراهيم، فلا وقود أحر من جهنم لأهل الكفر.


الصفحة التالية
Icon