﴿ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً ﴾، يعنى إن أصابتكم جنابة.
﴿ فَٱطَّهَّرُواْ ﴾، يعنى فاغتسلوا.
﴿ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ ﴾، نزلت فى عبدالرحمن بن عوف، رضى الله عنه، أو أصابكم جراحة، أو جدرى، أو كان بكم قروح وأنتم مقيمون فى الأهل، فخشيتم الضرر والهلاك، فتيمموا الصعيد ضربة للوجه وضربة للكفين.
﴿ أَوْ ﴾ إن كنتم ﴿ عَلَىٰ سَفَرٍ ﴾، نزلت فى عائشة، رضى الله عنها، حين أسقطت قلادتها، وهو مع النبى صلى الله عليه وسلم فى غزاة بنى أنمار، وهم حى من قيس عيلان.﴿ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ ﴾ فى السفر ﴿ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ ﴾، يعنى جامعتم النساء فى السفر.
﴿ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ ﴾، يعنى من الصعيد ضربتين، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكرسوع، ولم يؤمروا بمسح الرأس فى التيمم.
﴿ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾، يعنى ضيق فى أمر دينكم، أذ رخص لكم فى التيمم.
﴿ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ﴾ فى أمر دينكم من الأحداث والجنابة.
﴿ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾، يعنى إذ رخص لكم فى التيمم فى السفر، والجراح فى الحضر.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آية: ٦] رب هذه النعم فتوحدونه، فلما نزلت الرخصة، قال أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، لعائشة، رضوان الله عليها: والله ما علمتك إلا مباركة. قوله سبحانه: ﴿ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ ﴾، يعنى بالإسلام يوم أخذ ميثاقكم على المعرفة بالله عز وجل والربوبية.
﴿ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾، ذلك أن الله عز وجل أخذ الميثاق الأول على العباد حين خلقهم من صلب آدم، عليه السلام، فذلك قوله عز وجل:﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ ﴾[الأعراف: ١٧٢] على أنفسنا، فمن بلغ منهم العمل، وأقر لله عز وجل بالإيمان به، وبآياته، وكتبه، ورسله، والكتاب، والملائكة، والجنة، والنار، والحلال، والحرام، والأمر، والنهى أن يعمل بما أمر، وينتهى عما نهى، فإذا أوفى لله تعالى بهذا، أوفى الله له بالجنة.. فهذان ميثاقان، ميثاق بالإيمان بالله، وميثاق بالعمل، فذلك قوله سبحانه فى البقرة:﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾[البقرة: ٢٨٥]، سمعنا بالقرآن الذى جاء من عند الله، وأطعنا الله عز وجل فيه، وذلك قوله سبحانه فى التغابن:﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ ﴾[التغابن: ١٦]، يقول: اسمعوا القرآن الذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله عز وجل، وأطيعوا الله فيما أمركم، فمن بلغ الحلم والعمل ولم يؤمن بالله عز وجل ولا بالرسول والكتاب، فقد نقض الميثاق الأول بالإيمان بالله عز وجل، وبما أخذ الله تعالى عليه حين خلقه وصار من الكافرين، ومن أخذ الله عز وجل عليه الميثاق الأول، ولم يبلغ الحلم، فإن الله عز وجل أعلم به. قال: وسُئل عبدالله بن عباس عن أطفال المشركين، فقال: لقد أخذ الله عز وجل الميثاق الأول عليهم، فلم يدركوا أجلاً، ولم يأخذوا رزقاً، ولم يعملوا سيئة،﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾[الإسراء: ١٥]، وماتوا على الميثاق الأول، فالله أعلم بهم. ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾، ولا تنقضوا ذلك الميثاق.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [آية: ٧]، يعنى بما فى قلوبهم من الإيمان والشك.