قوله سبحانه: ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ ﴾، نزلت فى نصارى نجران الماريعقوبيين، منهم السيد والعاقب وغيرهما.
﴿ قُلْ ﴾ لهم يا محمد.
﴿ فَمَن يَمْلِكُ ﴾، فمن يقدر أن يمتنع.
﴿ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً ﴾ من شئ من عذابه.
﴿ إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ﴾ بعذاب أو بموت، فمن الذى يحول بينه وبين ذلك؟! ثم عظم الرب جل جلاله نفسه عن قولهم حين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم، فقال سبحانه: ﴿ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ﴾، يقول: إليه سلطان السموات والأرض.
﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ من الخلق.
﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾، يعنى عيسى، شاء أن يخلقه من غير بشر.
﴿ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آية: ١٧] من خلق عيسى من غير بشر وغيره من الخلق قدير، مثلها فى آخر السورة.﴿ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ ﴾ يهود المدينة، منهم: كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف، وكعب بن أسيد، وبحرى بن عمرو، وشماس بن عمرو، وغيرهم ﴿ وَٱلنَّصَارَىٰ ﴾ من نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما، قالوا جميعاً: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾، وافتخروا على المسلمين، وقالوا: ما أحد من الناس أعظم عند الله منزلة منا، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ ﴾ للمسلمين يردوا عليهم.
﴿ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ﴾، حين زعمتم وقلتم: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة، يعنى عدة ما عبدوا فيها العجل، إن كنتم أبناء الله وأحباؤه، أفتطيب نفس رجل أن يعذب ولده بالنار؟ والله أرحم من جميع خلقه. فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم: ﴿ بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾ من العباد، ولستم بأبناء الله وأحبائه.
﴿ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ ﴾، يعنى يتجاوز عمن يشاء فيهديه لدينه.
﴿ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ﴾ فيميته على الكفر، ثم عظم الرب نفسه عز وجل عن قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه، فقال سبحانه: ﴿ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ من الخلق يحكم فيهما ما يشاء هم عبيده وفى ملكه.
﴿ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾ [آية: ١٨] فى الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.