قوله سبحانه: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ ﴾ من اللباس والنساء،" نزلت فى عشر نفر، منهم: على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وعمر، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وعثمان بن مظعون، والمقداد بن الأسود، أبو ذر الغفارى، وسلمان الفارسى، وحذيفة بن اليمان، وسالم مولى أبى حذيفة، ورجل آخر، اجتمعوا فى بيت عثمان بن مظعون، رضى الله عنهم، ثم قالوا: تعالوا حتى نحرم على أنفسنا الطعام واللباس والنساء، وأن يقطع بعضهم مذاكيره، ويلبس المسرح، ويبنوا الصوامع، فيترهبوا فيها، فتفرقوا وهذا رأيهم. فجاء جبريل، عليه السلام، فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك، فأتى منزل عثمان بن مظعون، رضى الله عنه، فلم يجدهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لامرأة عثمان: " أحق ما بلغنى عن عثمان وأصحابه؟ "، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فأخبرها النبى صلى الله عليه وسلم الذى بلغه، فكرهت أن تكذب النبى صلى الله عليه وسلم، أو تفشى سر زوجها، فقالت: يا رسول الله، إن كان عثمان أخبرك بشئ، فقد صدقك، أو أخبرك الله عز وجل بشئ، فهو كما أخبرك ربك تعالى ذكره، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " قولى لزوجك إذا جاء: إنه ليس منى من لم يستن بسنتى، ويهتد بهدينا، ويأكل من ذبائحنا، فإن من سنتنا اللباس، والطعام، والنساء، فأعلمى زوجك، وقولى له: من رغب عن سنتى فليس منى ". فلما رجع عثمان وأصحابه أخبرته امرأته بقول النبى صلى الله عليه وسلم، فما أعجبه، فذروا الذى ذكره النبى صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ ﴾ ﴿ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ ﴾، فتحرموا حلاله.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ ﴾ [آية: ٨٧] من يحرم حلاله، ويعتدى فى أمره عز وجل.
﴿ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلاَلاً طَيِّباً ﴾، اللباس، والنساء، والطعام.
﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾، ولا تحرموا ما أحل الله لكم، واتقوا الله.
﴿ ٱلَّذِيۤ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ٨٨]، يقول: الذى أنتم به مصدقون.