قوله سبحانه: ﴿ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ ﴾، أنها سمت الكعبة؛ لأنها منفردة من البنيان، وكل منفرد من البنيان فهو فى كلام العرب الكعبة، قال أبو محمد: قال ثعلب: العرب تسمى كل بيت مربع الكعبة.
﴿ قِيَاماً لِّلنَّاسِ ﴾، يعنى أرض الحرم أمناً لهم وحياة لهم فى الجاهلية. قال: كان أحدهم إذا أصاب ذنباً أو أحدث حدثاً يخاف على نفسه، دخل الحرم فأمن فيه.
﴿ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ ﴾، قال: كان الرجل إذا أراد سفراً فى أمره، فإن كان السفر الذى يريده يعلم أنه يذهب ويرجع قبل أن يمضى الشهر الحرام توجه آمناً، ولم يقلد نفسه ولا راحلته، وإن كان يعلم أنه لا يقدر على الرجوع حتى يمضى الشهر الحرام، قلد نفسه وبعيره من لحا شجر الحرم فيأمن به حيث ما توجه من البلاد، فمن ثم قال سبحانه: ﴿ وَٱلْهَدْيَ وَٱلْقَلاَئِدَ ﴾ كل ذلك كان قواماً لهم وأمناً فى الجاهلية، نظيرها فى أول السورة.
﴿ ذٰلِكَ ﴾، يقول: هذا ﴿ لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾، قبل أن يكونا، ويعلم أنه سيكون من أمركم الذى كان.
﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ من أعمال العباد.
﴿ عَلِيمٌ ﴾ [آية: ٩٧].
ثم خوفهم ألا يستحلوا الغارة فى حجاج اليمامة، يعنى شريحاً وأصحابه، فقال: ﴿ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾ إذا عاقب.
﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ٩٨] لمن أطاعه بعد النهى، ثم قال عز وجل: ﴿ مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ﴾ فى أمر حجاج اليمامة، شريح بن ضبيعة وأصحابه.
﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ﴾، يعنى ما تعلنون بألسنتكم.
﴿ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [آية: ٩٩] من أمر حجاج اليمامة والغارة عليهم.