ثم وعظهم ليخافوا، فقال: ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم ﴾، كفار مكة.
﴿ مِّن قَرْنٍ ﴾ من أمة.
﴿ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ ﴾، يقول: أعطيناهم من الخير والتمكين فى البلاد ما لم نعطكم يا أهل مكة.
﴿ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مَّدْرَاراً ﴾ بالمطر، يعني متتابعاً.
﴿ وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ﴾، يعني فعذبناهم.
﴿ بِذُنُوبِهِمْ ﴾، يعني بتكذيبهم رسلهم.
﴿ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ﴾ [آية: ٦]، يقول: وخلقنا من بعد هلاكهم قوماً آخرين.﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ﴾، ما صدقوا به، و ﴿ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ من أهل مكة.
﴿ إِنْ هَـٰذَآ ﴾، يقول: ما هذا القرآن.
﴿ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ٧]، يعني بين.﴿ وَقَالُواْ لَوْلاۤ ﴾، يعنى هلا.
﴿ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ﴾، يعينه ويصدقه بما أرسل به، نظيرها فى الفرقان، نزلت فى النضر بن الحارث، وعبدالله بن أمية بن المغيرة، ونوفل بن خويلد، كلهم من قريش، يقول الله: ﴿ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً ﴾ فعاينوه.
﴿ لَّقُضِيَ ٱلأَمْرُ ﴾، يعنى لنزل العذاب بهم.
﴿ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ ﴾ [آية: ٨]، يعنى ثم لا يناظر بهم حتى يعذبوا؛ لأن الرسل إذا كُذبت جاءت الملائكة بالعذاب. يقول الله: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ ﴾، هذا الرسول.
﴿ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً ﴾، يعنى فى صورة رجل حتى يطيقوا النظر إليه؛ لأن الناس لا يطيقون النظر إلى صورة الملائكة، ثم قال: ﴿ وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم ﴾، يعنى ولشبهنا عليهم.
﴿ مَّا يَلْبِسُونَ ﴾ [آية: ٩]، يعنى ما يشبهون على أنفسهم بأن يقولوا: ما هذا إلا بشر مثلكم.﴿ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾، وذلك أن مكذبى الأمم الخالية، أخبرتهم رسلهم بالعذاب فكذبوهم، بأن العذاب ليس بنازل بهم، فلما كذب كفار مكة النبى صلى الله عليه وسلم بالعذاب حين أوعدهم استهزءوا منه، فأنزل الله يعزى نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه بالعذاب، فقال: ﴿ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ ﴾ يا محمد كما استهزئ بك فى أمر العذاب.
﴿ فَحَاقَ ﴾، يعنى فدار ﴿ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ ﴾، يعنى من الرسل.
﴿ مَّا كَانُواْ بِهِ ﴾، يعنى بالعذاب.
﴿ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [آية: ١٠] بأنه غير نازل بهم. ثم وعظهم ليخافوا، فقال: ﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آية: ١١] بالعذاب كان عاقبتهم الهلاك يحذر كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية.
﴿ قُل ﴾ لكفار مكة ﴿ لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ من الخلق، فردوا عليه فى الرعد، قالوا: الله، فى قراءة أبى بن كعب، وابن مسعود فى تكذيبهم بالبعث، قالوا: الله ﴿ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ ﴾ فى تأخير العذاب عنهم، فأنزل الله فى تكذيبهم بالبعث.
﴿ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ أنتم والأمم الخالية.
﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾، يعنى لا شك فيه، يعنى فى البعث بأنه كائن، ثم نعتهم، فقال: ﴿ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ ﴾، يعنى غبنوا.
﴿ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ١٢]، يعنى لا يصدقون بالبعث بأنه كائن.


الصفحة التالية
Icon