﴿ وَمِنْهُمْ ﴾، يعنى كفار مكة.
﴿ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ﴾ وانت تتلو القرآن، يعنى النضر بن الحارث، إلى آخر الآية.
﴿ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ﴾، يعنى الغطاء عن القلب؛ لئلا يفقهوا القرآن.
﴿ وَفِيۤ آذَانِهِمْ وَقْراً ﴾، يعنى ثقلاً، فلا يسمعوا، يعنى النضر، ثم قال: ﴿ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ﴾، يعنى انشقاق القمر، والدخان، فلا يصدقوا بأنها من الله عز وجل.
﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَادِلُونَكَ ﴾ فى القرآن بأنه ليس من الله.
﴿ يَقُولُ ﴾ الله: قال: ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ ﴾، يعنى النضر: ﴿ إِنْ هَـٰذَآ ﴾ القرآن ﴿ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ [آية: ٢٥]، يعنى أحاديث الأولين، حديث رستم واسفندياز.﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان عند أبى طالب بن عبد المطلب، يدعوه إلى الإسلام، فاجتمعت قريش إلى أبى طالب ليريدوا بالنبى، عليه السلام، سوءاً، فسألوا أبا طالب أن يدفعه إليهم فيقتلوه، فقال أبو طالب: ما لى عنه صبر، قالوا: ندفع إليك من سبايانا من شئت مكان ابن أخيك، فقال أبو طالب: حين تروح الإبل، فإن جاءت ناقة إلى غير فصيلها دفعت إليكم، وإن كانت الناقة لا تحن إلا إلى فصيلها، فأنا أحق من الناقة، فلما أبى عليهم، اجتمع منهم سبعة عشر رجلاً من أشرافهم ورؤسائهم، فكتبوا بينهم كتاباً ألا يبايعوا بنى عبد المطلب، ولا يناكحوهم، ولا يخالطوهم، ولا يؤاكلوهم، حتى يدفعوا إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم فيقتلوه، فاجتمعوا فى دار شيبة بن عثمان صاحب الكعبة، وكان هو أشد الناس على النبى صلى الله عليه وسلم، فقال أبو طالب: والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أغيب فى التراب دفيناًفانفذ لأمرك ما عليك غضاضة أبشر وقر بذاك منك عوناًودعوتنى وزعمت أنك ناصحى فلقد صدقت وكنت قدماً أميناًوعرضت ديناً قد علمت بأنه من خير أديان البرية ديناًلولا الدمامة أو أخادن سبة لوجدتنى سمحاً بذاك مبيناًفأنزل الله فى أبى طالب، واسمه: عبد مناف بن شيبة، وهو عبد المطلب: ﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾، كان ينهى قريش عن أذى النبى صلى الله عليه وسلم، ويتباعد هو عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا يتبعه على دينه.
﴿ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [آية: ٢٦]، يعنى أبا طالب.﴿ وَلَوْ تَرَىٰ ﴾ يا محمد ﴿ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ ﴾، يعنى كفار قريش هؤلاء الرؤساء تمنوا.
﴿ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾، يعنى القرآن بأنه من الله.
﴿ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ٢٧]، يعنى المصدقين بالقرآن فى قولهم: ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ﴾، وذلك أنهم حين قالوا: ﴿ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾، أوحى الله إلى الجوارح، فشهدت عليهم بما كتموا من الشرك، فذلك قوله: ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ ﴾، يعنى ظهر لهم من الجوارح ﴿ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ﴾ بألسنتهم من قبل أن تنطق الجوارح بالشرك، فتمنوا عند ذلك الرجعة إلى الدنيا.
﴿ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا... ﴾ إلى آخر الآية، فأخبر الله عنهم، فقال: ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ ﴾ إلى الدنيا كما تمنوا وعمروا فيها.
﴿ لَعَادُواْ لِمَا ﴾، يعنى لرجعوا لما ﴿ نُهُواْ عَنْهُ ﴾ من الشرك والتكذيب.
﴿ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [آية: ٢٨] فى قولهم حين قالوا: ﴿ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾، بالقرآن. لما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم كفار مكة بالبعث كذبوه.
﴿ وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾ [آية: ٢٩] بعد الموت، فأخبر الله بمنزلتهم فى الآخرة، فقال: ﴿ وَلَوْ تَرَىٰ ﴾ يا محمد ﴿ إِذْ وُقِفُواْ ﴾، يعنى عرضوا ﴿ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا ﴾ إنه الحق.
﴿ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [آية: ٣٠] بالعذاب بأنه غير كائن، نظيرها فى الأحقاف.