﴿ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾، يعني ما عظموا الله حق عظمته.
﴿ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ﴾، يقول: على رسول من كتاب، فما عظموه حين كذبوا بأنه لم ينزل كتاباً على الرسل، نزلت في مالك بن الضيف اليهودى حين خاصمه عمر بن الخطاب في النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكتوب في التوراة، فغضب مالك، فقال: ما أنزل الله على أحد كتاباً ربانياً في اليهود، فعزلته اليهود عن الربانية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً ﴾، يعني ضياء من الظلمة.
﴿ وَهُدًى لِّلنَّاسِ ﴾ من الضلالة.
﴿ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ ﴾، يعني صحفاً ليس فيها شىء.
﴿ تُبْدُونَهَا ﴾ تعلنونها.
﴿ وَتُخْفُونَ ﴾، يعني وتسرون.
﴿ كَثِيراً ﴾، فكان مما أخفوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر الرجم في التوراة.
﴿ وَعُلِّمْتُمْ ﴾ في التوراة ﴿ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ﴾ ولم يعلمه ﴿ آبَاؤُكُمْ ﴾، ثم قال في التقديم: ﴿ قُلِ ٱللَّهُ ﴾ أنزل على موسى، عليه السلام.
﴿ ثُمَّ ذَرْهُمْ ﴾، يعني خل عنهم إن لم يصدقوك.
﴿ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [آية: ٩١]، في باطلهم يلهون، يعني اليهود، نزلت هذه الآية بالمدينة، ثم إن مالك بن الضيف تاب من قوله، فلم يقبلوا منه، وجعلوا مكانه رجلاً في الربانية.﴿ وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ ﴾ على محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ مُبَارَكٌ ﴾ لمن عمل به، وهو ﴿ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾، يقول: يصدق لما قبله من الكتب التى أنزلها الله عز وجل على الأنبياء.
﴿ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ ﴾، يعني لكى تنذر بالقرآن أصل القرى، يعني مكة، وإنما سميت أم القرى؛ لأن الأرض كلها دحيت من تحت الكعبة.
﴿ وَ ﴾ تنذر بالقرآن ﴿ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾، يعني حول مكة، يعني قرى الأرض كلها.
﴿ وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ ﴾، يعني يصدقون بالبعث الذى فيه جزاء الأعمال.
﴿ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل، ثم نعتهم، فقال: ﴿ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [آية: ٩٢] عليها في مواقيتها لا يتركونها.﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾، هذه الآية مدنية، فلا أحد أظلم.
﴿ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ﴾، نزلت في مسيلمة بن حبيب الكذاب الحنفى، حيث زعم أن الله أوحى إليه النبوة،" وكان مسيلمة أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسولين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: " أتشهدان أن مسيلمة نبى؟ "، قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما "، ثم قال: ﴿ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ ﴾، فلا أحد أيضاً أظلم منه، نزلت في عبدالله بن سعد بن أبي سرح القرشى، من بنى عامر بن لؤى، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، كان يتكلم بالإسلام، وكتب للنبى صلى الله عليه وسلم يوماً سورة النساء، فإذا أملى عليه النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾، كتب: ﴿ عَلِيما حَكِيماً ﴾، وإذا أملى عليه: ﴿ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾ كتب: ﴿ سَمِيعاً عَلِيماً ﴾، فقال لقوم من المنافقين: كتبت غير الذي أملى عليَّ، وهو ينظر إليه فلم يغيره، فشك عبدالله بن سعد في إيمانه، فلحق بمكة كافراً، فقال لهم: لئن كان محمد صادقاً فيما يقول: لقد أنزل عليَّ كما أنزل عليه، ولئن كان كاذباً، لقد قلت كما قال، وإنما شك لسكوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه، فلم يغير ذلك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يكتب. ثم قال: ﴿ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ ﴾، يعني مشركي مكة.
﴿ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ ﴾، يعني في سكرات الموت، إذ قتلوا ببدر.
﴿ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ ﴾ عند الموت تضرب الوجوه والأدبار، يعني ملك الموت وحده، وهو يقول: ﴿ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ﴾، يعني أرواحكم، منهم: أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وأبو قيس بن الفاكه، والوليد بن المغيرة، وقريباً من سبعين قتيلاً، فلما بعثوا في الآخرة، وصاروا في النار، قالت لهم خزنة جهنم: ﴿ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ ﴾، يعني الهوان بغير رأفة ولا رحمة، نظيرها في الأنفال.
﴿ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ في الدنيا.
﴿ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ﴾ بأن معه شريكاً.
﴿ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [آية: ٩٣]، يعني وكنتم تتكبرون عن الإيمان بالقرآن.﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا ﴾ في الآخرة.
﴿ فُرَادَىٰ ﴾، ليس معكم من الدنيا شىء.
﴿ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ حين ولدوا وليس لهم شيء.
﴿ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ ﴾ في الدنيا ﴿ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾، يعني ما أعطيناكم من الخير من بعدكم في الدنيا.
﴿ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ﴾ من الملائكة.
﴿ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ ﴾ في الدنيا.
﴿ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ ﴾، يعني أنهم لكم شفعاء عند الله، لقولهم في يونس:﴿ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾[يونس: ١٨]، يعني الملائكة، ثم قال: ﴿ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ﴾ وبين شركاءكم، يعني من الملائكة من المودة والتواصل.
﴿ وَضَلَّ عَنكُم ﴾ في الآخرة ﴿ مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [آية: ٩٤] في الدنيا بأن مع الله شريكاً.