﴿ وَجَعَلُواْ ﴾ يعني وصفوا ﴿ للَّهِ ﴾ الذي خلقهم فى التقديم ﴿ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ ﴾ من الملائكة، وذلك أن جهينة، وبنى سلمة، وخزاعة وغيرهم، قالوا: إن حياً من الملائكة يقال لهم: الجن بنات الرحمن، فقال الله: ﴿ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ ﴾، يعني وتخرصوا، يعني يخلقوا لله ﴿ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ يعلمونه أن له بنين وبنات، وذلك أن اليهود، قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت العرب: الملائكة بنات الله، يقول الله: ﴿ سُبْحَانَهُ ﴾ نزه نفسه عما قالوا من البهتان، ثم عظم نفسه، فقال: ﴿ وَتَعَالَىٰ ﴾، يعني وارتفع ﴿ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [آية: ١٠٠]، يعني يقولون من الكذب. فعظم نفسه وأخبر عن قدرته، فقال: ﴿ بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ﴾، لم يكونا فابتدع خلقهما، ثم قال: ﴿ أَنَّىٰ ﴾، يعني من أين ﴿ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ ﴾، يعني زوجة.
﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾، يعني من الملائكة، وعزير، وعيسى، وغيرهم فهم خلقه وعباده وفى ملكه، ثم قال: ﴿ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [آية: ١٠١].
ثم دل على نفسه بصنعه ليوحدوه، فقال: ﴿ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ ﴾ الذي ابتدع خلقهما وخلق كل شيء ولم يكن له صاحبة ولا ولد، ثم وحد نفسه إذ لم يوحده كفار مكة، فقال: ﴿ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَٱعْبُدُوهُ ﴾، يعني فوحدوه.
﴿ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [آية: ١٠٢]، وهو رب كل شىء ذكر من بنين وبنات وغيرهم. ثم عظم نفسه، فقال: ﴿ لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ ﴾، يقول: لا يراه الخلق فى الدنيا.
﴿ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَارَ ﴾، وهو يرى الخلق فى الدنيا.
﴿ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ﴾ لطف علمه وقدرته حين يراهم فى السموات والأرض.
﴿ ٱلْخَبِيرُ ﴾ [آية: ١٠٣] بمكانهم.﴿ قَدْ جَآءَكُمْ ﴾ يا أهل مكة.
﴿ بَصَآئِرُ ﴾، يعني بيان ﴿ مِن رَّبِّكُمْ ﴾، يعني القرآن، نظيرها فى الأعراف.
﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ ﴾ إيماناً بالقرآن.
﴿ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ ﴾ عن إيمان بالقرآن.
﴿ فَعَلَيْهَا ﴾، يعني فعلى نفسه.
﴿ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [آية: ١٠٤]، يعني برقيب، يعني محمد صلى الله عليه وسلم.﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾، يعني وهكذا ﴿ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ﴾ فى أمور شتى، يعني ما ذكر.
﴿ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ ﴾، يعني قابلت ودرست، يعني تعلمت من غيرك يا محمد، فأنزل الله: ﴿ وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ﴾؛ لئلا يقولوا: درست وقرأت من غيرك.
﴿ وَلِنُبَيِّنَهُ ﴾، يعني القرآن.
﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ١٠٥].


الصفحة التالية
Icon