ثم أخبر عما علمه فيهم، فقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ ﴾، وأخبروهم أن محمداً رسول كما سألوا، لقولهم في الفرقان:﴿ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾[الفرقان: ٢١]، يعني المستهزئين من قريش، أبا جهل وأصحابه، ثم قال: ﴿ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ ﴾، لقولهم: ابعث لنا رجلين أو ثلاثة من آبائنا، فنسألهم عما أمامهم مما تحدثنا أنه يكون بعد الموت أحق هو؟ ثم قال: ﴿ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ﴾، يعني عياناً، قال أبو محمد: ومن قرأه: " قَبلا "، أراد قبيلاً قبيلاً، رواه عن ثعلب، فعاينوه كله، فلو فعلت هذا كله، فأخبروهم بأن الذي يقول محمد حق.
﴿ مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ ﴾، يعني ليصدقوا.
﴿ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ﴾ لهم الإيمان.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾ أكثر أهل مكة ﴿ يَجْهَلُونَ ﴾ [آية: ١١١].
ثم قال: ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾، يعني وهكذا.
﴿ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً ﴾ من قومه، يعني أبا جهل عدواً للنبي صلى الله عليه وسلم، كقولهم في الفرقان:﴿ وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ... ﴾[الفرقان: ٧] إلى آخر الآية، قوله: ﴿ شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ﴾، وذلك أن إبليس وكل شياطين بالإنس يضلونهم، ووكل شياطين بالجن يضلونهم، فإذا التقى شيطان الإنس مع شيطان الجن، قال أحدهما لصاحبه: إنى أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا، فذلك قوله: ﴿ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ﴾، يقول: يزين بعضهم ﴿ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً ﴾، يقول: ذلك التزيين بالقول باطل، يغرون به الإنس والجن، ثم قال: ﴿ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾، يقول: لو شاء الله لمنعهم عن ذلك، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَذَرْهُمْ ﴾، يعني خل عنهم، يعني كفار مكة.
﴿ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [آية: ١١٢] من الكذب.﴿ وَلِتَصْغَيۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ ﴾، يعني ولتميل إلى ذلك الزخرف والغرور قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، يعني الذين لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال.
﴿ وَلِيَرْضَوْهُ ﴾، يعني وليحبوه.
﴿ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴾ [آية: ١١٣]، يعني ليعملوا من المعاصي ما هم عاملون.﴿ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً ﴾، فليس أحد أحسن قضاء من الله في نزول العذاب ببدر.
﴿ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً ﴾، يعني القرآن حلاله وحرامه، وكل شيء مفصلاً، يعني مبيناً فيه أمره ونهيه.
﴿ وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ ﴾ [آية: ١١٤].


الصفحة التالية
Icon