قالوا يا محمد، فمن أين حرمه آباؤنا؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ﴾، يعني على أكل يأكله.
﴿ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً ﴾، يعني يسيل.
﴿ أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾، يعني إثماً.
﴿ أَوْ فِسْقاً ﴾، يعني معصية.
﴿ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ ﴾، يعني ذبح لغير الله.
﴿ فَمَنِ ٱضْطُرَّ ﴾ إلى شيء مما حرمت عليه.
﴿ غَيْرَ بَاغٍ ﴾ ليستحله في دينه.
﴿ وَلاَ عَادٍ ﴾، يعني ولا معتدياً لم يضطر إليه فأكله.
﴿ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ ﴾ لأكله الحرام.
﴿ رَّحِيمٌ ﴾ [آية: ١٤٥] به إذا رخص له في الحرام في الاضطرار. ثم بين ما حرم على اليهود، فقال: ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ﴾، يعني الإبل، والنعامة، والوز، والبط، وكل شىء له خف وظفر من الدواب والطير، فهو عليهم حرام.
﴿ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ ﴾، وحرم عليهم الشحوم من البقر والغنم، ثم استثنى ما أحل لهم من الشحوم، فقال: ﴿ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ﴾، يعني ظهور البقر والغنم والأكتاف والإلية.
﴿ أَوِ ٱلْحَوَايَآ ﴾، يعني المعى.
﴿ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ ﴾ من الشحم ﴿ بِعَظْمٍ ﴾، فكل هذا حلال لهم، وحرم عليهم شحوم الكليتين والثروب.
﴿ ذٰلِكَ ﴾ التحريم.
﴿ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ﴾، يعني عقوبة بقتلهم الأنبياء وبصدهم عن سبيل الله، وبأكلهم الربا، واستحلالهم أموال الناس بالباطل، فهذا البغى.
﴿ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [آية: ١٤٦] بذلك، وهذا ما أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه محرم، منه على المسلمين، ومنه على اليهود. فقال كفار العرب للنبي صلى الله عليه وسلم: فإنك لم تصب، يقول الله: ﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ ﴾ بما تقول من التحريم.
﴿ فَقُلْ ﴾ لكفار مكة.
﴿ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ ﴾ ملأت رحمته كل شيء، لا يعجل عليكم بالعقوبة.
﴿ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ ﴾، يقول: عذابه إذا جاء الوقت على من كذب بما يقول.
﴿ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ [آية: ١٤٧]، يعني كفار العرب.


الصفحة التالية
Icon