﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾، يقول: ولقد أعطيناكم يا أهل مكة من الخير والتمكين في الأرض.
﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ﴾ من الرزق لتشكروه فتوحدوه، فلم تفعلوا، فأخبر عنهم، فقال: ﴿ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ [آية: ١٠]، يعني بالقليل أنهم لا يشكرون رب هذه النعم فيوحدونه.﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ﴾، يعني آدم، عليه السلام.
﴿ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾، يعني ذرية آدم، ذكراً وأنثى، وأبيض وأسود، سوياً وغير سوي.
﴿ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ﴾ الذين هم في الأرض، ومنهم إبليس عدو الله: ﴿ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُوۤاْ ﴾ له، ثم استثنى، فقال: ﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ ﴾ [آية: ١١] لآدم مع الملائكة.﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾ [آية: ١٢]، والنار تغلب الطين.﴿ قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا ﴾، قال: اخرج من صورة الملائكة إلى صورة الدمامة، فأخرج من الجنة يا إبليس.
﴿ فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا ﴾، فما ينبغي لك أن تتعظم فيها، يعني في الجنة.
﴿ فَٱخْرُجْ ﴾ منها ﴿ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ ﴾ [آية: ١٣]، يعني من المذلين.﴿ قَالَ ﴾ إبليس لربه: ﴿ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [آية: ١٤]، يعني النفخة الآخرة، يوم يبعث آدم، عليه السلام، وذريته.﴿ قَالَ ﴾ الله: ﴿ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ ﴾ [آية: ١٥]، فلا تموت إلى يوم الوقت المعلوم، يعني أجلاً معلوماً، وهي النفخة الأولى.
﴿ قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي ﴾، قال: أما إذ أضللتنى.﴿ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ﴾ [آية: ١٦]، يعني لأصدنهم عن دينك المستقيم، يعني الإسلام.﴿ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾، من قبل الآخرة، فأزين لهم التكذيب بالبعث، وبالجنة، وبالنار.
﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾، يعني من قبل الدنيا، فأزينها في أعينهم، وأرغبهم فيها، ولا يعطون فيها حقاً.
﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾، يعني من قبل دينهم، فإن كانوا على هدى شبهته عليهم حتى يشكوا فيها، وإن كانوا على ضلالة زينتها لهم.
﴿ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ﴾، يعني من قبل الشهوات واللذات من المعاصى وأشهيها إليهم.
﴿ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [آية: ١٧] لنعمتك، فلا يوحدونك.﴿ قَالَ ﴾ له: ﴿ ٱخْرُجْ مِنْهَا ﴾، يعني من الجنة.
﴿ مَذْءُوماً ﴾ منفياً.
﴿ مَّدْحُوراً ﴾، يعني مطروداً.
﴿ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ ﴾ على دينك.
﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [آية: ١٨]، يعني إبليس وذريته وكفار ذرية آدم منهم جميعاً.


الصفحة التالية
Icon