قوله: ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ ﴾، وذلك" أن عير كفار قريش جاءت من الشام تريد مكة فيها أبو سفيان بن حرب، وعمرو بن العاص، وعمرو بن هشام، ومخرمة بن نوفل الزهري، في العير، فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدهم، فبعثوا عمرو بن ضمضم الغفاري إلى مكة مستغيثاً، فخرجت قريش، وبعث النبى صلى الله عليه وسلم عدي بن أبي الزغفاء عيناً على العير؛ ليعلم أمرهم، ونزل جبريل، عليه السلام، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعير أهل مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " إن الله يعدكم إحدى الطائفتين، إما العير، وإما النصر والغنيمة، فما ترون؟، فأشاروا عليه، بل نسير إلى العير، وكرهوا القتال، وقالوا: إنا لم نأخذ أهبة القتال، وإنما نفرنا إلى العير، ثم أعاد النبي صلى الله عليه وسلم المشورة، فأشاروا عليه بالعير " ". فقال سعد بن عبادة الأنصاري: يا رسول الله، انظر أمرك فامض له، فوالله لو سرت بنا إلى عدن ما تخلف عنك رجل من الأنصار، ففرح النبى صلى الله عليه وسلم، حتى عرف السرور فى وجهه، فقال المقداد بن الأسود الكندى: إنا معك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهم معروفاً، فأنزل الله عز وجل: ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ ﴾ ﴿ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ﴾ [آية: ٥] للقتال، فلذلك ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ﴾ في أمر الغنيمة، فيها تقديم. ثم قال: ﴿ يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ﴾ لهم أنك لا تصنع إلا ما أمرك الله.
﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ [آية: ٦].
﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ ﴾ العير أو هزيمة المشركين وعسكرهم.
﴿ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ ﴾، يعني العير.
﴿ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ﴾ يقول: يحقق الإسلام بما أنزل إليك.
﴿ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ ﴾، يعنى أصل الكافرين ببدر. ﴿ لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ ﴾، يعنى الإسلام.
﴿ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ ﴾، يعني الشرك، يعني عبادة الشيطان.
﴿ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾، يعني كفار مكة.


الصفحة التالية
Icon