﴿ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً ﴾ بالنهار لأهل الأرض، يستضيئون بها.
﴿ وَٱلْقَمَرَ نُوراً ﴾ بالليل.
﴿ وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ﴾، يزيد وينقص، يعني الشمس سراجاً والقمر نوراً.
﴿ لِتَعْلَمُواْ ﴾ بالليل والنهار.
﴿ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ ﴾، وقدره منازل لتعلموا بذلك عدد السنين، والحساب، ورمضان، والحج، والطلاق، وما يريدون بين العباد.
﴿ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ ﴾، يعني الشمس والقمر.
﴿ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ﴾، لم يخلقهما عبثاً، خلقهما لأمر هو كائن.
﴿ يُفَصِّلُ ﴾ يبين ﴿ ٱلآيَاتِ ﴾، يعني العلامات.
﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٥] بتوحيد الله عز وجل أن الله واحد لما يرون من صنعه. ثم قال: ﴿ إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾ عليكم ﴿ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [آية: ٦] عقوبة الله عز وجل. قوله: ﴿ إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ﴾، يعني لا يخشون لقاءنا، يعني البعث والحساب.
﴿ وَرَضُواْ بِٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا ﴾، فعملوا لها.
﴿ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا ﴾، يعني ما أخبر في أول هذه السورة.
﴿ غَافِلُونَ ﴾ [آية: ٧]، يعني ما ذكر من صنيعه في هؤلاء الآيات لمعرضون، فلا يؤمنون. ثم أخبر بما أعد لهم في الآخرة، فقال: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ ﴾، يعني مصيرهم النار.
﴿ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [آية: ٨] من الكفر والتكذيب. ثم أخبر بما أعد للمؤمنين، فقال: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾، يعني صدقوا بالله.
﴿ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾، وأقاموا فرائض الله.
﴿ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ﴾، يعني بتصديقهم وتوحيدهم كما صدقوا ووحدوا، كذلك يهديهم ربهم إلى الفرائض، ويثيبهم الجنة.
﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ ﴾، يعني تحت قصورهم نور في نور، قصور الدر والياقوت، وأنها تجري من غرفهم.
﴿ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [آية: ٩]، لا يكلفون فيها عملاً أبداً، ولا يصيبهم فيها مشقة أبداً.﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ ﴾، فهذا علم بين أهل الجنة وبين الخدم إذا أرادوا الطعام والشراب دعواهم أن يقولوا في الجنة: ﴿ سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ ﴾، فإذا الموائد قد جاءت، فوضعت ميلاً في ميل، قوائمها اللؤلؤ، ودخل عليهم الخدم من أربعة آلاف باب معهم صحاف الذهب سبعون ألف صحفة، في كل صحفة لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله، كلما شبع ألقى الله عليه ألف باب من الشهوة، كلما شبع أتى بشربة تهضم ما قبلها بمقدار أربعين عاماً، ويؤتون بألوان الثمار، وتجيء الطير أمثال البخت، مناقيرها لون، وأجنحتها لون، ظهورها لون، وبطونها لون، وقوائمها لون، تتلألأ نوراً، حتى تقف بين يديه في بيت طوله فرسخ في فرسخ، في غرفة فيها سرر موضونة، والوضن مشبك وسطه بقضبان الياقوت والزمرد الرطب، ألين من الحرير، قوائمها اللؤلؤ، حافتاه ذهب وفضة، عليه من الفرش مقدار سبعين غرفة في دار الدنيا، لو أن رجلاً وقع من تلك الغرفة لم يبلغ قرار الأرض سبعين عاماً. فيأكلون ويشربون، وتقوم الطير وتصطف بين يديه، وتقول: يا ولي الله، رعيت في روضة كذا وكذا، وشربت من عين كذا وكذا، فأيتهن أعجبه وصفها وقعت على مائدته نصفها قديد سبعون ألف لون من الطير الواحد، والنصف شواء، فيأكل منها ما أحب، ثم يطير فينطلق إلى الجنة؛ لأنه ليس في الجنة من يموت.
﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾، وذلك أن يأتيه ملك من عند رب العزة، فلا يصل إليه حتى يستأذن له حاجب فيقوم بين يديه، فيقول: يا ولي الله، ربك يقرأ عليك السلام، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾، من عند الرب تعالى، فإذا فرغوا من الطعام والشراب، قالوا: الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله عز وجل: ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ ﴾، يعني قولهم حين فرغوا من الطعام والشراب ﴿ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ [آية: ١٠].