﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ ﴾ أرسلنا ﴿ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾، يعني وحدوا الله ﴿ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾، يعني ليس لكم رب غيره.
﴿ إِنْ أَنتُمْ ﴾، يعني ما أنتم ﴿ إِلاَّ مُفْتَرُونَ ﴾ [آية: ٥٠] الكذب حين تقولون إن لله شريكاً، وذلك أنهم قالوا لأنبيائهم: تريدون أن تملكوا علينا في أموالنا، فذلك قول الأنبياء لهم:﴿ يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾[هود: ٥١]، يعني ما جزائي إلا على الله. وذلك قول قوم هود: ﴿ يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ ﴾، يعني ما جزائي ﴿ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ ﴾، يعني خلقني.
﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ ﴿ آية: ٥١] أنه ليس مع الله شريك.{ وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ﴾ من الشرك.
﴿ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً ﴾، يعني المطر متتابعاً، وقد كان الله تعالى حبس عنهم المطر ثلاث سنين، وحبس عنهم الولد، فمن ثم قال: ﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ ﴾، يعني عدداً إلى عددكم وتتوالدون وتكثرون، ثم قال لهم هود: ﴿ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ﴾ [آية: ٥٢]، يقول: ولا تعرضوا عن التوحيد مشركين.﴿ قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ ﴾، يعني ببيان أنك رسول إلينا من الله.
﴿ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ ﴾، يعنون عبادة الأوثان.
﴿ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [آية: ٥٣]، يعني بمصدقين بأنك رسول.﴿ إِن ﴾ يعني ما ﴿ نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ ﴾، يعنون جنوناً أصابك به.
﴿ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ ﴾، يعنون أنه يعتريك من آلهتنا الأوثان بجنون أو بخبل، ولا نحب أن يصيبك أو يعتريك ذلك فاجتنبها سالماً. قال عبد الله: قال الفراء: الخبل مُسكَّنَةُ الباء العلة المانعة من الحركة المعطلة للبدن، والخبل: الجنون محركة الباء، فرد عليهم هود: ﴿ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهِ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ [آية: ٥٤].
﴿ مِن دُونِهِ ﴾ من الآلهة.
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾ أنتم والآلهة.
﴿ ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ﴾ [آية: ٥٥]، يعني ثم لا تناظرون، يعني لا تمهلون.﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ ﴾، يعني وثقت بالله.
﴿ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ﴾ حين خوفوه آلهتهم أنها تصيبه.
﴿ مَّا مِن دَآبَّةٍ ﴾، يعني ما من شيء.
﴿ إِلاَّ ﴾ و ﴿ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ ﴾، يقول: إلا الله يميتها.
﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [آية: ٥٦]، يعني على الحق المستقيم.﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾، يعني فإن تعرضوا عن الإيمان.
﴿ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ﴾ من نزول العذاب بكم في الدنيا.
﴿ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي ﴾ بعد هلاككم ﴿ قَوْماً غَيْرَكُمْ ﴾ أمثل وأطوع لله منكم.
﴿ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً ﴾ يقول: ولا تنقصونه من ملكه شيئاً، إنما تنقصون أنفسكم.
﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ من أعمالكم ﴿ حَفِيظٌ ﴾ [آية: ٥٧].
﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا ﴾، يعني قولنا في نزول العذاب.
﴿ نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ﴾ من العذاب ﴿ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ﴾، يعني بنعمة منا عليهم.
﴿ وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [آية: ٥٨]، يعني شديد، وهي الريح الباردة لم تفتر عنهم حتى أهلكتهم.﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ﴾، يعني كفروا بعذاب الله بأنه غير نازل بهم في الدنيا.
﴿ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ ﴾، يعني هوداً وحده.
﴿ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [آية: ٥٩]، يعني متعظماً عن التوحيد، فهم الأتباع، اتبعوا قول الكبراء في تكذيب هود.
﴿ عَنِيدٍ ﴾، يعني معرضاً عن الحق، وكان هذا القول من الكبراء للسفلة في سورة المؤمنين ﴿ مَا هَذَا ﴾، يعني هوداً﴿ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾[المؤمنون: ٣٣] من الشراب. وقال للأتباع:﴿ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ ﴾[المؤمنون: ٣٤]، يعني لعجزة، فهذا قول الكبراء للسفلة، فاتبعوهم على قولهم: ﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً ﴾، يعني العذاب، وهي الريح التي أهلكتهم.
﴿ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾، يعني عذاب النار ﴿ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ ﴾، يعني بتوحيد ربهم.
﴿ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴾ [آية: ٦٠] في الهلاك.