﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ ﴾، يعني القرآن.
﴿ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾، بالذي أوحينا إليك، نظيرها في يس:﴿ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي ﴾[يس: ٣٧].
﴿ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ ﴾، يعني من قبل نزول القرآن عليك.
﴿ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ ﴾ [آية: ٣] عنه.﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ ﴾ يعقوب: ﴿ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ ﴾ في المنام ﴿ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ﴾ هبطوا إلى الأرض من السماء، فـ ﴿ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ [آية: ٤]، فالكواكب الأحد عشر إخوته، والشمس أم يوسف، وهي راحيل بنت لاتان، ولاتان هو خال يعقوب والقمر أبوه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وقد علم تعبير ما رأى يوسف.﴿ قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ ﴾ فيحسدوك إضمار.
﴿ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً ﴾، فيعملوا بك شراً.
﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [آية: ٥]، يعني بين. وقال يعقوب ليوسف: ﴿ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ﴾، يقول: وهكذا يستخلصك ربك بالسجود.
﴿ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ ﴾، يعني ويعلمك تعبير الرؤيا.
﴿ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ ﴾، يعني بآل يعقوب هو وامرأته وإخوته الأحد عشر، بالسجود لك.
﴿ كَمَآ أَتَمَّهَآ ﴾، يعني النعمة.
﴿ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ ﴾، يعني بأبويه ﴿ إِبْرَاهِيمَ ﴾ حين رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسحاق، وألقى إبراهيم في النار، فنجاه الله تعالى منها، وأراد ذبح ابنه، فخلصه الله بالسجود.
﴿ وَإِسْحَاقَ ﴾ في رؤيا إبراهيم في ذبح إسحاق.
﴿ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ ﴾ بتمامها.
﴿ حَكِيمٌ ﴾ [آية: ٦]، يعني القاضى لها.﴿ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ ﴾، يعني علامات.
﴿ لِّلسَّائِلِينَ ﴾ [آية: ٧] وذلك أن اليهود لما سمعوا ذكر يوسف، عليه السلام، من النبي صلى الله عليه وسلم، منهم كعب بن الأشرف، وحيي، وجدي ابنا أخطب، والنعمان بن أوفى، وعمرو، وبحيرا، وغزال بن السموأل، ومالك بن الضيف، فلم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم منهم غير جبر غلام بن الحضرمي، ويسار أبو فكيهه، وعداس، فكان ما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر يوسف وأمره ﴿ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ﴾، وذلك أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر يوسف، فكان ما سمعوا علامة لهم وهم السائلون عن أمر يوسف، عليه السلام، وكان يوسف قد فضل في زمانه بحسنه على الناس كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.﴿ إِذْ قَالُواْ ﴾ إخوة يوسف، وهو: روبيل أكبرهم سناً، ويهوذا أكبرهم في العقل، وهو الذي قال الله:﴿ قَالَ كَبِيرُهُمْ ﴾﴿ يوسف: ٨٠] في العقل، ولم يكن كبيرهم في السن، وشمعون، ولاوى، ونفتولن، وربولن، وآشر، واستاخر، وجاب ودان، ويوسف وبنيامين، بعضهم لبعض { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ﴾، وهو بنيامين ﴿ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾، يعني عشرة.
﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [آية: ٨]، يعني خسران مبين، يعني في شقاء بين، نظيرها في سورة القمر:﴿ ِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ ﴾[القمر: ٤٧]، يعني في شقاء، من حب يعقوب لابنه يوسف وذكره. ثم قال بعضهم لبعض: ﴿ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً ﴾ بعيدة.
﴿ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ﴾ فيقبل عليكم بوجهه.
﴿ وَتَكُونُواْ ﴾، يعني وتصيروا ﴿ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ ﴾ [آية: ٩]، يعني يصلح أمركم وحالكم عند أبيكم.﴿ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ ﴾، وهو يهوذا بن يعقوب: ﴿ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ ﴾ فإن قتله عظيم.
﴿ وَ ﴾ لكن ﴿ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ ﴾ على طريق الناس، فيأخذونه فيكفونكم أمره، يعني الزائغة من البئر ما يتوارى عن العين ولا يراه أحد، فهو غيابت الجب.
﴿ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ ﴾، فيذهبوا به فيكفونكم أمره.
﴿ إِن كُنتُمْ ﴾ لا بد ﴿ فَاعِلِينَ ﴾ [آية: ١٠] من الشر الذي تريدون به. فأتوا يعقوب، فـ ﴿ قَالُواْ يَـأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ﴾ [آية: ١١].
﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ﴾، يعني ينشط ويفرح، والعرب تقول: رتعت لك، يعني فرحت لك.
﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [آية: ١٢] من الضيعة، قال يعقوب لهم: إني أخاف عليه، فقالوا لأبيهم: ﴿ مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ﴾ في الحفظ له.﴿ قَالَ ﴾ أبوهم: ﴿ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴾ [آية: ١٣]، لا تشعرون به، وكانت أرضاً مذئبة، فمن ثم قال يعقوب: أنى أخاف أن يأكله الذئب.﴿ قَالُواْ ﴾، أي العشرة،: ﴿ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾، يعني ونحن جماعة.
﴿ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ ﴾ [آية: ١٤]، يعني لعجزة.﴿ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ ﴾، بيوسف.
﴿ وَأَجْمَعُوۤاْ ﴾ أمرهم ﴿ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ ﴾ على رأس ثلاثة فراسخ، فألقوه في الجب، والماء يومئذ كدر غليظ، فعذب الماء وصفا حين ألقى فيه، وقام على صخرة في قاصية البئر، فوكل الله به ملكاً يحرسه في الجب ويطعمه.
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [آية: ١٥]، وذلك أن الله أوحىإلى يوسف، عليه السلام، بعدما انصرف إخوته: إنك ستخبر إخوتك بأمرهم هذا الذي ركبوا منك، ثم قال: ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ أنك يوسف حين تخبرهم، فأنبأهم يوسف بعد ذلك حين قال لهم وضرب الإناء، فقال: إن الإناء ليخبرني بما فعلتم بيوسف من الشر ونزع الثياب. قال أبو محمد عبد الله بن ثابت: وسمعت أبى يحدثني عن الهذيل، عن مقاتل في قوله: ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾، قال: لا يشعرون أنك يوسف. قال: وذلك أن يوسف لما استخرج الصاع من وعاء أخيه بنيامين، قطع بالقوم وتحيروا، فأحضرهم وأخذ بنيامين مكان سرقته، ثم تقدم إلى أمينه، فقال له: أحضر الصاع إذا حضروا وانقره ثلاث نقرات، واستمع طنين كل نقرة حتى تسكن، ثم قال في النقرة الأولى كذا، وفى الثانية كذا، وفى الثالثة كذا، وأوهمهم أنك إنما تخبرنى عن شىء تفهمه من طنين الصاع، قال: فأمر بهم فجمعوا، ثم قال يوسف للذي استخرج الصاع، وهو أمينه: أحضر الصاع الذي سرقوه، وتقدم إليه ألا يكتمنا من أخبارهم شيئا، فإنه غضبان عليهم ويوشك أن يصدق عنهم، قال: فأحضره والقوم، وقال له الأمين: أيها الصاع، إن الملك يأمرك أن تبين له أمر هؤلاء القوم ولا تكتمه شيئاً من أمرهم، ثم نقره نقرة شديد، وأصغى إليه يسمعه، كأنه يستمع منه شيئاً، فقال: أيها الملك، إن الصاع يقول لك: إنهم أخبروك أنهم لأم واحدة، وأنهم شتى، وذلك وقع بينهم ما يقع بين الأولاد العتاة. قال: قل له لا يكتمنا من أخبارهم شيئاً، ثم نقره الثانية وأصغى إليه يسمعه، فلما سكن، قال: أيها الملك، إنهم أخبروك أن لهم أخاً مفقوداً، ولن تنصرم الأيام والليالي حتى يأتي ذلك الغلام فيتبين الناس أخبارهم. قال: مره ألا يكتمنا من أخبارهم شيئاً، قال: فطن الثالثة، فلما سكن قال: أيها الملك، إنه ما دخل على أبيهم غم ولا هم ولا حزن إلا بسببهم وجرائرهم، قال: أوعز إليه ألا يكتمنا من أخبارهم شيئاً. قال: فنظر بعضهم إلى بعض، وخافوا أن يظهر عليهم ما كتموه من أمر يوسف، عليه السلام، فقاموا إليه بجمعهم يقبلون رأسه وعينه، ويقولون: بالذى أشبهك بالنبيين، وفضلك على العالمين، ألا أقلت العثرة، وسترت العورة، وحفظتنا في أبينا يعقوب، فرق لهم، وقال: لولا حفاظي لكم في أبيكم لنكلت بكم ولألحقتكم بالسراق واللصوص، أغربوا عني، فلا حاجة لي فيكم. قال: فلما قدموا على أبيهم أخبروه بأخبارهم، قال: فردهم بالبضاعة المجازة، وكتب معهم كتاباً إليه، فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، إلى عزيز مصر، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإنى ما سرقت، ولا ولدت سارقاً، ولكن أهل بيت البلاء موكل بنا، أما جدي، فألقي في النار، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً، وأما أبي، فأضجع للذبح، ففداه الله بذبح عظيم، وأما أنا، فبليت بفقد حبيبي وقرة عيني يوسف. قال: فلما وصلوا إليه أوصلوا كتابه، فلما قرأ كتابه انتحب، فقيل له: كأنك صاحب الكتاب، فقال: أجل، فذلك قوله: ﴿ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون ﴾، ثم تعرف إليهم فعرفوه.﴿ وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ ﴾ يعقوب ﴿ عِشَآءً يَبْكُونَ ﴾ [آية: ١٦] صلاة العتمة.﴿ قَالُواْ يَأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ﴾، يعني نتصيد.
﴿ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا ﴾ ليحفظه.
﴿ فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا ﴾، يعني بمصدق لنا.
﴿ وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [آية: ١٧] بما نقول.﴿ وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ ﴾، يعني على قميص يوسف.
﴿ بِدَمٍ كَذِبٍ ﴾، وذلك أنهم حين ألقوه في البئر انتزعوا ثيابه، وهو قميصه، ثم عمدوا إلى سخلة فذبحوها على القميص ليروا أباهم يعقوب، فلما رأى أباهم القميص صحيحاً اتهمهم، وكان لبيباً عاقلاً، فقال: ما أحلم هذا السبع حين خلع القميص كراهية أن يتمزق، ثم بكى، فـ ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً ﴾، وكان الذي أردتم هو منكم.
﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾، يعني صبرى صبراً حسناً لا جزع فيه.
﴿ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴾ [آية: ٨١]، يقول: بالله أستعين على ما تقولون حين تزعمون أن الذئب أكله، فبكى عليه يعقوب، عليه السلام، حتى امتنع عن النوم ومن أهل بيته، فكان يبكى ويئود، فمن هناك تئود اليهود إذا قرأوا التوراة.﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ ﴾، وهي العير، وقالوا: رفقة من العرب، فنزلوا على البئر يريدون مصر.
﴿ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ ﴾، فبعثوا رجلين: مالك بن دعر، وعود بن عامر، إلى الماء.
﴿ فَأَدْلَىٰ ﴾ أحدهم: ﴿ دَلْوَهُ ﴾، واسمه مالك بن دعر بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن، فتعلق يوسف بالدلو، فصاح مالك ﴿ قَالَ ﴾، فقال: يا عود، للذي يسقي، وهو عود بن عامر بن الدرة بن حزام.
﴿ يٰبُشْرَىٰ ﴾، يقول: يا مالك أبشر.
﴿ هَـٰذَا غُلاَمٌ ﴾ والجب بواد في أرض الأردن يسمى أدنان. فبكى يوسف، عليه السلام، وبكى الجب لبكائه، وبكى مد صوته من الشجر والمدر والحجارة، وكان إخوته لما دلوه في البئر، تعلق يوسف في شفة البئر، فعمدوا إليه فخلصوا قميصه وأوثقوا يده، فقال: يا إخوتاه، وردوا عليَّ القميص أتوارى به في البئر، فقالوا له: ادع الأحد عشر كوكباً والشمس والقمر يؤنسونك، فلما انتصف في الجب ألقوه، حتى وقع في البئر، فأدلوه في قعرها، فأراد أن يموت، فدفع الله عنه، ودعا يوسف ربه حين أخرجه مالك أن يهب لمالك ولداً، فولد له أربعة وعشرون ولدا. قوله: ﴿ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ﴾، يعني أخفوه من أصحابهم الذين مروا على الماء في الرفقة، وقالوا: هو بضاعة لأهل الماء نبيعه لهم بمصر؛ لأنهم لو قالا: إنا وجدناه أو اشتريناه، سألوهما الشركة فيه.
﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ١٩]، يعني بما يقولون من الكذب. يقول الله تعالى: ﴿ وَشَرَوْهُ ﴾، يعني وباعوه ﴿ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ﴾ بثمن حرام لا يحل لهم بيعة؛ لأنه حر، وثمن الحر حرام وبيعه حرام.
﴿ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ﴾، وهي عشرون درهماً، وكانت العرب تبايع بالأقل، فإذا كانت أربعين فهي أوقية، وما كان دون الأربعين، فهي دراهم معدودة.
﴿ وَكَانُواْ فِيهِ ﴾، يعني الذي باعوه كانوا في يوسف ﴿ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ ﴾ [آية: ٢٠] حين باعوه، ولم يعلموا منزلة يوسف عند الله، ومَنْ أبوه، ولو علموا ذلك ما باعوه. فانطلق القوم حتى أتوا به مصر، فبينا هو قريب منها، إذ مر براكب منها يقال له: مالك بن دعر اللخمي، قال له يوسف: أين تريد أيها الراكب؟ قال: أريد أرض كنعان، قال: إذا أتيت كنعان، فأت الشيخ يعقوب فأقرئه السلام، وصفني له، وقل له: إني لقيت غلاماً بأرض مصر، ووصفه له، وهو يقرئك السلام، فبكى يعقوب، عليه السلام، ثم قال: هل لك إلى الله حاجة؟ قال: نعم، عندي امرأة، وهي من أحب الخلائق إليَّ لم تلد مني ولداً قط، فوقع يعقوب ساجداً، فدعا الله، فولد له أربعة وعشرون ذكراً، وكان يوسف، عليه السلام، بأرض مصر، فأنزل الله عليهم البركة، ثم باعه المشتري من قطفير بن ميشا، فقال يوسف: من يشتري ويبشر، فاشتراه قطفير بن ميشا بعشرين ديناراً وزيادة حلة ونعلين.
﴿ وأخذ البائع قيمة الدنانير دراهم.{ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ ﴾، وهو قطفير بن ميشا ﴿ لاِمْرَأَتِهِ ﴾ زليخا بنت يمليخا: ﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾، يعني أحسني منزلته وولايته.
﴿ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ ﴾ أو نصيب منه خيراً.
﴿ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ الملك والسلطان في أرض مصر.
﴿ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ ﴾، يعني من تعبير الرؤيا.
﴿ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ ﴾، يعني والله متم ليوسف أمره الذي هو كائن مما لا يعلمه الناس، فذلك قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٢١] ذلك.