﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ ﴾، وذلك" أن أبا جهل بن هشام المخزومي، قال لمحمد صلى الله عليه وسلم: سير لنا بقرآنك هذا الجبل عن مكة، فإنها أرض ضيقة، فتتسع فيها، ونتخذ فيها المزارع والمصانع، كما سخرت لداود، عليه السلام، إن كنت نبياً كما تزعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا أطيق ذلك "، قال أبو جهل: فلا عليك، فسخر لنا هذه الريح فنركبها إلى الشام، فنقضى ميرتنا، ثم نرجع من يومنا، فقد شق علينا طول السفر، كما سخرت لسليمان كما زعمت، فلست بأهون على الله من سليمان، إن كنت نبياً كما تزعم، وكان يركبها سليمان وقومه غدوة، فيسير مسيرة شهر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا أطيق ذلك ". قال أبو جهل: فلا عليك، ابعث لنا رجلين أو ثلاثة ممن مات من آبائنا، منهم قصى بن كلاب، فإنه كان شيخاً صدوقاً، فنسأله عما أمامنا مما تخبرنا أنه كائن بعد الموت أحق ما تقول أم باطل؟ فقد كان عيسى يفعل ذلك بقومه كما زعمت، فلست بأهون على الله من عيسى إن كنت نبياً كما تزعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس إلى ذلك "، قال أبو جهل: فإن كنت غير فاعل، فلا ألفينك تذكر آلهتنا بسوء "، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ ﴾ ﴿ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ ﴾، يقول: لو أن قرآناً فعل ذلك به قبل هذا القرآن، لفعلناه بقرآن محمد، عليه السلام، ولكنه شيء أعطيه رسلى. فذلك قوله: ﴿ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً ﴾، يقول: بل جميع ذلك الأمر كان من الله ليس من قبل القرآن.
﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ من أهل مكة.
﴿ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ ﴾، يقول: تصيبهم بما كفروا بالله بائقة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزال يبعث سراياه، فيغيرون حول مكة، فيصيبون من أنفسهم، ومواشيهم، وأنعامهم، فيها تقديم، ثم قال: ﴿ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ ﴾، يقول: أو تنزل يا محمد بحضرتهم يوم الحديبية قريبين.
﴿ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ ﴾ في فتح مكة، وكان الله تعالى وعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفتح عليه مكة، فذلك قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ ﴾ [آية: ٣١].


الصفحة التالية
Icon