﴿ وَأَنذِرِ ﴾ يا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ ٱلنَّاسَ ﴾، يعني كفار مكة.
﴿ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ ﴾ في الآخرة.
﴿ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ ﴾، يعني مشركي مكة، فيسألون الرجعة إلى الدنيا، فيقولون في الآخرة.
﴿ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ﴾؛ لأن الخروج من الدنيا إلى قريب.
﴿ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ ﴾ إلى التوحيد.
﴿ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ ﴾، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ﴿ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ ﴾ [آية: ٤٤]، إلى البعث بعد الموت، وذلك قوله سبحانه في النحل:﴿ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ ﴾[النحل: ٣٨].
﴿ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ ﴾، يعني ضروا بأنفسهم، يعني الأمم الخالية، الذين عذبوا في الدنيا، يعني قوم هود وغيرهم.
﴿ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ ﴾، يقول: كيف عذبناهم.
﴿ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ ﴾ [آية: ٤٥]، يعني ووصفنا لكم الأشياء، يقول: وبينا لكم العذاب لتوحدوا ربكم عز وجل، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية؛ لئلا يكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم. ثم أخبر عن فعل نمروذ بن كنعان الجبار، فقال: ﴿ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ ﴾، يقول: فعلهم، يعني التابوت فيها الرجلان اللذان كانا في التابوت، والنسور الأربعة.
﴿ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ ﴾، يقول: عند الله مكرهم، يعني فعلهم.
﴿ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ ﴾ [آية: ٤٦]، نظيرها في بني إسرائيل:﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ ﴾[الإسراء: ٧٣]، يعني وقد كادوا، وقد كان نمروذ بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه، وهو أول من ملك الأرض كلها، وذلك أنه بنى صرحاً ببابل زعم ليتناول إله السماء، فخر عليهم السقف، وهو البناء من فوقهم. حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيال، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في قوله سبحانه ﴿ وَإن كَانَ مَكْرُهُمْ ﴾، قال: أمر نمروذ بن كنعان عدو الله، فنحت التابوت، وجعل له باباً من أعلاه، وباباً من أسفله، ثم صعد إلى أربع نسور، ثم أوثق كل نسر بقائمة التابوت، ثم جعل في أعلى التابوت لحماً شديد الحمرة، في أربعة نواحى التابوت حيال النسور، ثم جعل رجلين في التابوت، فنهضت النسور تريد اللحم، فارتفع التابوت إلى السماء، فلما ارتفع ما شاء الله، قال أحد الرجلين لصاحب: فاتح باب التابوت الأسفل فانظر كيف ترى الأرض؟ ففتح فنظر، قال: أراها كالعروة البيضاء. ثم قال له: افتح الباب الأعلى، فانظر إلى السماء، هل ازددنا منها قرباً؟ قال: ففتح الباب الأعلى، فإذا هي كهيئتها، وارتفعت النسور تريد اللحم، فلما ارتفعا جداً، لم تدعهما الريح أن يصعد، فقال أحدهما لصاحبه، افتح الباب الأسفل فانظر كيف ترى الأرض؟ قال: ففتح، قال: إنها سوداء مظلمة، ولا أرى منها شيئاً، قال: اردد الباب الأسفل، وافتح الباب الأعلى، فانظر إلى السماء، هل ازددنا منها قرباً؟ ففتح الباب الأعلى، فقال: أراها كهيئتها. قال لصاحبه: نكس التابوت، فنكسه، فتصوب اللحم، وصارت النسور فوق التابوت واللحم أسفل، ثم هوت النسور منصوبة تريد اللحم، ، فسمعت الجبال حفيف التابوت وحفيف أجنحة النسور، ففزعت وظنت أنه أمر نزل من السماء، فكادت أن تزول من أماكنها من مخافة الله عز وجل، فذلك قوله: ﴿ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ ﴾.
ثم خوف كفار مكة، فقال سبحانه: ﴿ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ ﴾ يا محمد.
﴿ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾ في نزول العذاب بكفار مكة في الدنيا.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ﴾، يعني منيع في مكة.
﴿ ذُو ٱنْتِقَامٍ ﴾ [آية: ٤٧]، من أهل معصيته.


الصفحة التالية
Icon