قال تعالى: ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ ﴾، يعني الذين عبدوا ربهم: ﴿ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ﴾ أنزل ﴿ خَيْراً ﴾، وذلك أن الرجل كان يبعثه قومه وافداً إلى مكة ليأتيهم بخبر محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتي الموسم، فيمر على هؤلاء الرهط من قريش الذين على طرق مكة، فيسألهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيصدونه عنه لئلا يلقاه، فيقول: بئس الرجل الوافد أنا لقومي أن أرجع قبل أن ألقى محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنا منه على مسيرة ليلة أو ليلتين، وأسمع منه، فيسير حتى يدخل مكة، فيلقى المؤمنين، فيسألهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن قولهم، فيقولون للوافد: أنزل الله عز وجل خيراً، بعث رسولاً صلى الله عليه وسلم، وأنزل كتاباً يأمر فيه بالخير، وينهى عن الشر، ففيهم نزلت: ﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبَّكُّمْ قَالْواْ خَيْراً ﴾، ثم انقطع الكلام. يقول الله سبحانه: ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ﴾ العمل ﴿ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا ﴾ لهم ﴿ حَسَنَةٌ ﴾ في الآخرة، يعني الجنة.
﴿ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ ﴾، يعني الجنة أفضل من ثواب المشركين في الدنيا الذي ذكر في هذه الآية الأولى، يقول الله تعالى: ﴿ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [آية: ٣٠] الشرك، يثني على الجنة. ثم بين لهم الدار، فقال سبحانه: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ﴾، يعني الأنهار تجري تحت البساتين.
﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ ﴾، يعني في الجنان.
﴿ كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ ﴾ [آية: ٣١] الشرك. ثم أخبر عنهم، فقال جل ثناؤه: ﴿ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ ﴾ في الدنيا، يعني ملك الموت وحده، ثم انقطع الكلام، ثم أخبر سبحانه عن قول خزنة الجنة من الملائكة في الآخرة لهم.
﴿ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [آية: ٣٢] في دار الدنيا. ثم رجع إلى كفار مكة، فقال: ﴿ هَلْ ﴾، يعني ما ﴿ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ﴾ بالموت، يعني ملك الموت وحده، عليه السلام.
﴿ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾، يعني العذاب في الدنيا.
﴿ كَذَلِكَ ﴾، يعني هكذا.
﴿ فَعَلَ ٱلَّذِينَ ﴾، يعني لعن الذين ﴿ مِن قَبْلِهِمْ ﴾، ونزل العذاب بهم قبل كفار مكة من الأمم الخالية.
﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ ﴾، فعذبهم على غير ذنب.
﴿ وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [آية: ٣٣]﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ ﴾، يعني عذاب ﴿ مَا عَمِلُواْ ﴾، يعني في الدنيا.
﴿ وَحَاقَ بِهِم ﴾، يعني ودار بهم العذاب.
﴿ مَّا كَانُواْ بِهِ ﴾ بالعذاب.
﴿ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [آية: ٣٤] بأنه غير نازل بهم في الدنيا.